..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

وجهاً لوجه.. ضِدَ الفُرس

محمد عمر

٤ مارس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3535

وجهاً لوجه.. ضِدَ الفُرس
2492.jpg

شـــــارك المادة

عجيبةٌ تلك الأيام، تتساقطُ كأوراقِ الخريف، وتختفي كالطيورِ المهاجرة، و لا يبقى منها إلا الذكرياتُ والعِبَر..
عاشوا طويلاً في أحضانِ الصحراء، تحمِلُهم خُيولهم، وتطعِمُهم رماحُهم، وتبلغُ الآفاقَ أنَفَتَهم.. صقَلت نُفوسهم قساوة الحياةِ فيها، وأطربت مسامِعهم قوافي مُبدعيها، فتعايشوا معها السنينَ الطِوال، لا يُنغّص عيشهم إلا جاهليةٌ جهلاء، ابتليت بها البشرية بأكملها، على فترةٍ من الرسل وضلالةٍ من الناس.

فما أوشكت الساعةُ أن تقوم إلا بعثَ الله فيهم رسولاً من أنفسهم يبلّغهم رسالةَ ربهم ويعلّمهم أركانَ دينهم ويرشدهم سبلَ الهدى والفلاح، فاتبعوه بإحسانٍ ويقين، وساروا معه يشقّون عباب الأرض دعوةً وجهادا، فقرآنهم يَهدي الضُلّال، وسيفهم يقصِم الطغاة.
وككل دعوةٍ ناشئةٍ يقفُ أشقياءُ الأرض بالمرصاد لها، همّهم إطفاءُ نورِ الله بأفواههم، ومناصبةُ أهلها العداء، فما عرفوا القوم إلا عباداً لهم أذلّاء، يرعون الإبلَ والشاة، لا يجمعهم رأيٌ ولا توحدهم كلمة.
تتصارعُ قوى الأرضِ من حولهم فُرساً كانوا أم رومان ويبقون هم الغنائم المنتظرة، فتارةً تخضع الشامُ لذاك وتارةً تدين العراقُ لآخر.
لكنَّ أمراً عجيباً يحدثُ الآن، فالقوم ليسوا القوم، آمالهُم تحولت وتطلعاتُهم اختلفت، فاستبدلوا سياسةَ الإبلِ بسياسةِ الشعوب، وانتقلوا من تبعيةِ البشرِ إلى تبعيةِ اللهِ العظيم.
فما عادت أقوى جُيوش الأرض تخيفُهم ولا أكثر الحشودِ ترهبهم، فهم المُؤَيَدونَ بالرسالةِ والوحي، الحاملون للواءِ الهدايةِ والفلاح، الموعودونَ بالنصرِ الإلهي.. فتراهم يسيرونَ بإيمانٍ ويقين ينشرونَ دعوةَ ربهم ويُزيحون عن كاهل البشرية أثقالَ الظلم والعبودية المقيتة.
فتحاملَ عليهم من تحامل، وتكالبَ عليهم من تكالب، فها هم بنو فارس يحشدون الحشود ليومٍ مشهود، همّهم هزيمةَ هذا الوافدِ الجديد وذكرياتُهم حبيسةَ السلاسل، أغرتهم أعدادٌ كحباتِ الرمال وأمّلَهُم ماضي القومِ القريب، و ما دروا أنها نطحةٌ أو نطحتان ثم لا تكون فارس.
هكذا تنتهي الدول وبتلك السهولةِ تنهار، فالباطلُ لا يغني عنهم شيئا، وما صمد باطلٌ بوجهِ الحق لعظَمٍ فيه يوما، فوعدُ اللهِ تعالى لأتباعهِ بالنصر لا يخالطه شكٌ ولا تعتريه ريبة (إنا لننصرُ رسلنا والذين آمنوا في الحياةِ الدنيا ويومَ يقومُ الأشهاد), فنصر الله تعالى قادمٌ لا محالة، لا يزعزعُ اليقينَ فيه أيُ مفترٍ أفّاك.
ولما كان ديدنُ المجوسِ مذ خبرناهم حقداً على هذه الأمةِ و منتسبيها، وحلماً أزلياً بالقضاءِ عليها، تُلاعبُ مخيّلتهم أحلامُ المدائن، ويجيّشُ عواطفهم ذلك الملكُ السليب، فيُعمي الله بهِ أبصارَهم كما أعمى بصائرهم، فتراهم اليوم يرسلون مهج عيونهم و فلذات أكبادهم لأرض الشامِ الصابرة علّهم يحققون ما عجزَ عنه الآباء، ويعيدونَ لفارسَ مجدها التليد.
أما والله كم وددنا أنّ بيننا وبينهم جبلاً من نار فلا نقربهم ولا يقربوننا، ولكنّهم أبوا إلا الكريهة و أرادوا بهذا الدينِ المكيدة، فسيعلمون عندما تحينُ الساعة أننا صُبرٌ في الحرب صُدقٌ عندَ اللقاء ولعلّ الله أن يرى اليوم منا ما يحب.
فما على الشامِ اليوم إلا فسطاطان لا ثالثَ لهما، فسطاطٌ للحق وأهله وفسطاطٌ للباطل وأهله.. فسطاطٌ يجمع صفوف المؤمنين الموحدين، أحفاد الصحابةِ والتابعين.. وفسطاطٌ يجمع صفوف الشياطين، ومن والاهم من كفّارٍ وضُلّالٍ ومنافقين.
فسطاطٌ يعلي لدينِ اللهِ رايته، ويذود عن حمى الإسلامِ وأهله، منهجهُ كتابُ الله تعالى وسنةُ نبيه، وهمّه الرضى والرضوان.. و فسطاطٌ يناصب هذا الدين العداء، سيوفه تغدرُ بالشام وأعينُه على البيتِ الحرام.
وأحداقُ التاريخ ترقبنا وإياهم، وكأنها لا تبصرُ إلا أساورَ كسرى...

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع