ديمة طارق طهبوب
تصدير المادة
المشاهدات : 6839
شـــــارك المادة
نحرص نحن -البشر- على صحتنا البيولوجية و النفسية، و منا من يتفقدها وقائياً بفحوصات دورية، و الكل يحرص على العلاج عند المرض، و لكن هل لدينا نفس الحرص على صحة إيماننا؛ وهو في صلابته قد يكون أعظم من الجبال، و لكنه عند زعزعته قد يكون أرق من خيط الثوب، و هو على كل الأحوال معرض باستمرار للزيادة و النقصان؛ بحسب أعمال العبد الوجدانية و المادية.
يعرف كثير من المسلمين العناصر الأساسية للإيمان، ولكنهم يغفلون عن التفاصيل و دقائق الكمال وطرائق الاتباع و التحقيق؛ فتجد الكثيرين يحرصون مثلاً على الصلاة، فروضها و نوافلها، بينما لا يعرفون أن السعي في حاجة مسلم تعدل وتزيد على الاعتكاف والقيام وهما من عظيم العبادات، يعرفون الزكاة و الصدقة و لكنهم لا يعرفون أن الأهم أن تضع قلبك و جهدك في هموم المسلمين؛ حتى تحسب منهم و عليهم مصداقاً لقول المصطفى "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" فلا يقر لك قرار، و لا يرتاح لك ضمير و في المسلمين من يئن خوفاً و جوعاً و اضطهاداً، إنك إن لم تحدث خاطرك و نفسك بالانتصار لإيمانك؛ فقد وصلت أدنى الدرجات في فحص الإيمان، و أصبحت تترنح على هاوية المرض و إن لم تحس، و مرض القلب سبب في مرض الجسد، و إذا مرض البعض أوشك أن يمرض الكل!
بهذا المنطق يكون ما قاله محمد إقبال يصب في سويداء و مركز الإيمان ""على كل مسلم عندما يولد ويسمع كلمة لا إله إلا الله أن يقطع على نفسه العهد على إنقاذ المسجد الأقصى " فالمسجد الأقصى ليس مجرد مسجد له حرمة و قداسة ككل بيوت الله في الأرض، و ليس مجرد أرض محتلة واجب على المسلمين إن يحرروها، إنه يحوز درجات عليا من القدسية و المكانة العقدية و المحورية في اهتمام المسلمين و أولوياتهم؛ فهو قرآن مكي عقدي يتلى، و هو طريق رباني، و هو بشرى مستقبلية، و هو محطة أخروية، و هذه السلسة الإيمانية لها استحقاقات على وجه الأرض و هي متصلة لا يمكن الإيمان ببعضها و التخاذل عن بعضها الآخر؛ فلا يكفي أن نقول إننا مؤمنون بالوعد الحق؛ فلقد نبه رسول الله صلى الله عليه و سلم حارثة يوم قال له: أصبحت مؤمناً حقاً، فرد عليه المصطفى "انظر ماذا تقول فإن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك؟"
إن الإيمان المقدسي له أركان قابلة للقياس، تدلل على مستوى و منسوب الإيمان في النفس، جمعها الدكتور راغب السرجاني في كتاب قيم بعنوان (فلسطين واجبات الأمة) قدم فيها ١١٣٥ دوراً إيجابياً، جماعياً و فردياً، قابلاً للتطبيق من المسلمين على اختلاف أوضاعهم ما بين الحد الأعلى و الأدنى بحيث يكون لكل مؤمن مكانة و دور و سهم و ضمانة أن لا ينزلق إلى دوائر التفريط؛ و من هذه الأدوار ما هو قلبي يدخل في تصحيح العقيدة بالعودة إلى الله و الانتماء و الولاء الأوحد للاسلام، و التوبة من الذنوب، و التخفف من الدنيا، و كمال العبادة، و التحلي بحسن الخلق و دراسة السيرة، ثم إيمان عملي بفهم القضية و دراسة لأحكامها الشرعية، و استيعاب لفكر العدو، ثم التحرك النشط بالقضية في الدوائر الضيقة و الواسعة من أول الأسرة إلى فضاء العالم، ثم الارتباط بمشروع يضمن توحيد الجهود و تركيزها و استمرارية العطاء و بغير هذا يكون في إيمانك نقص و ثلم؛ لا يعوضه سوى مقويات الاستدراك و العمل، و مراجعة مستمرة و نفس لوامة تسأل دائماً" أين أنا من القدس و الأقصى، و ماذا بذلت و أبذل له؟!"
"على كل مسلم عندما يولد ويسمع كلمة لا إله إلا الله أن يقطع على نفسه العهد على إنقاذ المسجد الأقصى " إن هذا القول يشير إلى أن الإيمان المقدسي إيمان فطري؛ يولد مع الإنسان، و يستثار بنداء الأذان و شهادة الحق التي تكون أول ما يسمعه الإنسان، و إن التربية عليه تكون منذ هذه المرحلة الأولى، فمن تأخر فربما يظل يعاني من ضعف الخطى إلا أن يعوض بمزيد من العطاء و التنافس، لقد فهمت هذا امرأة عمران؛ فلم تنتظر حتى ولادة جنينها، و إنما نذرتها و هي ما زالت تتخلق، فقد كان بيت المقدس في خطر لا يحتمل معه التأخير أو الانتظار!
فهل قطع لنا آباؤنا يوم ولدنا مسلمين عهد إنقاذ الأقصى و هل نستدرك إذا قصروا فنقطعه على أنفسنا قولاً و عملاً؟
المسلم
محمد سلامة الغنيمي
زهير سالم
وليد قاسم
خاطر الشافعي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة