..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الازدواجية تسير بالعالم نحو الدمار

ناديا مظفر سلطان

١٨ يناير ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3363

الازدواجية تسير بالعالم نحو الدمار
سوريا00.jpg

شـــــارك المادة

يبدو أن" ازدواجية الشخصية" في الثقافة اللبنانية ليست آفة حديثة العهد ، بل يعود تاريخها إلى أيام "أبو الزلف" القبضاي الزائف الذي استعار جلد الأسد يوماً فوقف يزأر متشدقاً بمراجله، وما إن حضرت زوجته حتى استحال نعامة تدفن رأسها في التراب، وترفع مؤخرتها عالياً في الهواء.

وهكذا كان لبوس المرجلة الذي استعارته الحكومة اللبنانية، وهي تذود عن حمى شعبها وسيادتها واقتصادها وأمنها، هجوم اللاجئ السوري المذعور المقرور المتضور جوعاً، هذا اللبوس (رغم نذالته) كان بالإمكان للحكومة الموقرة الاحتفاظ به لتقف في وجه" ابنها اللبناني البار"، حسن نصر الله ، الذي كان ولايزال يصدر إلى سورية ميليشياته المسلحة، لتفتك بالأطفال والأبرياء، ولتدعم أركان النظام السوري السفاح والآيل للسقوط. فإذ بأبي الزلف - أمام عميل الإرهاب - ليس نعامة فحسب، بل دجاجة منتوفة الريش.

العالم كله مدرك تماماً أنه لولا الدعم الشيعي اللبناني، لما كان هنالك وجود للنظام السوري اليوم، ولما اضطر المواطن السوري للفرار من الجحيم، يمد يده لموائد اللئام، متسولاً الدفء واللقمة وعيش السلام.

أقول "لو" ، وأنا أعلم أنها - تفتح عمل الشيطان - ولكن لا أعتقد أن هنالك باباً لم يفتح على مصراعيه من شياطين العالم وأعوانهم، لدعم قوى الشر التي تسير بالبشرية حثيثاً نحو الهلاك.

وهكذا وفي "ازدواجية للمعايير"، فتحت فرنسا أمام الصحافة باب "الحرية والديمقراطية" على مصراعيه للسخرية من النبي محمد صلى الله وعليه وسلم، ومن الإسلام والمسلمين، وأغلقته دون المرأة المسلمة ، فهي ممنوعة من العلم والعمل ، إن هي احتفظت بحجابها!

أما الصحافة اللبنانية فقد نشرت على صفحات "نهارها"، مقالة تضافرت فيها النذالة والتفاهة ، لتنسج رثاءً مؤثراً عن شارع الحمرا اللبناني، بعد أن فقد لونه البهيج المميز، فأضحى أسمر بلون الوجوه السورية التي لوثته!.

الرثاء يفتت الأكباد! ، بل لعل مأساة "الحمراء" فاجعة أنستني مأساة الأطفال الذين ماتوا برداً في مخيمات اللجوء... وأنعشت لدي- في تأثير مزدوج - ذكرى مأساة اللبنانيين في صيف 2006 عندما هرع السوريون لنجدة "إخوانهم "اللاجئين اللبنانيين اقتداء بالأخوة بين "المهاجرين والأنصار" ، فلم تخل منهم مدرسة ولا جامع ولا بيت من البيوت السورية.

إذن ليس بالضرورة أن يكون جزاء الإحسان هو الإحسان ، خاصة عندما تتعامل مع انحطاط من  "ازدواجية القيم"، وحسن نصر الله أعلن بالأمس أن مايجري في البحرين شبيه" بالاحتلال الصهيوني".. بينما ميلشياته في سوريا تسعى بإخلاص لتنفيذ مخطط الاحتلال الشيعي الصفوي على الأراضي السورية.

والمجتمع الدولي لم يرَ طوال أربع سنوات من حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب السوري على يد نظامه أي صورة من صور الإرهاب.

جثث الأطفال المتفحمة والمتجمدة والمختنقة والموؤدة والمشوهة والممثل بها في السجون، كله ليس في قائمة الإرهاب. وهكذا احتفظت القوى العظمى بضبط النفس والتحلي بفضيلة الصبر، حتى تم إنضاج طبخة الإرهاب الإسلامي على عجل ، لتسوغ لنفسها تقديم جرعة موت إضافية للشعب المنكوب وحقنة إنعاش للنظام المحتضر .

المأساة السورية التي أدار لها المجتمع الدولي ظهر المجن، وصم أذنيه عن استغاثاتها، وأغمض عينيه عن فواجعها، حصيلتها اليوم، طفولة محرومة من التعليم ، عاشت الازدواجية بكل ظلمها، وذاقت مرارتها، وعانت من ويلاتها، يتماً وفقراً وجوعاً وبرداً وقهراً وذلاً وجهلاً... وما أنسبها تربة خصبة لنمو التطرف والعنف على يد المتطرفين، سوف يدفع ثمنه العالم كله من غير المسلمين ومن المسلمين على حد سواء وأحمد مرابط، ومصطفى وراد، مسلمان ضحيتان من ضحايا جريمة "شارلي إيبدو" البشعة، تجاهلت انتماءهما الإسلامي وسائل الإعلام الغربي، لغاية في نفسها، ولتضيف ازدواجية أخرى إلى ذاكرة الجيل التائه.

              

 
    
رابطة أدباء الشام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع