حذيفة عبد الله عزام
تصدير المادة
المشاهدات : 14577
شـــــارك المادة
من الصعب على من لم يعش تجارب جهادية سابقة أن يفهم مجريات اﻷمور وأن يدرك المآﻻت وأن يعي خواتيم اﻷحداث منذ انطلاقاتها في ظل زخم وتلاطم اﻷحداث وحين يخاطب المرء أرباب المراهقات الجهادية وأصحاب المغامرات الثورية الذين ينظرون إلى الجهاد على أنه ضرب من أفلام (اﻷكشن)التي تبرز شخصية البطل الذي يفعل كل شيء بلا رقيب ولا حسيب ويكسر كل القوانين فيقتل ويحرق ويسرق ويسلب وينهب ويضرب ويرعب ويدمر كل شيء ليظهر بطلاً لا يوقفه أحد ومن اعتاد متابعة اﻷفلام القتالية يدرك أن التركيز كله يكون على شخص البطل وأنه بقدر ما يكون فيه من مشاهد مثيرة بقدر ما يجتذب إليه المشاهدين مع اﻷسف ما تزال العقليات الطفولية لأرباب المراهقات الجهادية تظن أن الجهاد هو عبارة عن إشباع غريزة ألفت تلك المشاهد فتمثلتها بمعزل عن الغايات وسأغرد بكلام هو لكل مجاهد (كيّس فطن) لن يفهمه من أبى على نفسه إلا أن يكون (كيس قطن) أو مجرد ضاغط على الزناد يسيره أصحاب المشاريع خدمة ﻷهدافهم يوم أن دخلت دولة اﻹجرام باغية إلى الموصل طلبت اجتماعاً عاجلاً لمن نثق بهم وبفهمهم من أهل الرأي والحكمة من قادة الجهاد واجتمعت بشيخنا الشهيد بإذن الله أبي عبدالله الحموي واستمر اللقاء بيننا منذ الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة العاشرة صباحاً طلبت إليه رحمه الله قراءة للحدث.. وتحدثنا طويلاً فقال لي رحمه الله: المستهدف من دخول الموصل هو دير الزور وكانت تلك نظرة ثاقبة منه رحمه الله ولكنني قلت له اﻷمر أبعد من ذلك شيخنا قلت له يومها وكان حراك العشائر السنية في العراق قد بلغ أوجه وأوشك أن يؤتي ثماره ولمن لا يعلم أصرح بهذه المعلومة للمرة اﻷولى: أن حراك أهل السنة في العراق كان يقف وراءه قادة الفصائل السنية التي جاهدت اﻷمريكان وقاتلتهم دولة اﻹجرام باغية وفككتهم فصيلاً فصيلاً وأنا هنا أتحدث كشاهد أوشك الحراك السني يؤتي أكله وأرّق نوري المالكي وأقضّ مضجعه وكان الحراك السني بدأ بالزحف نحو بغداد من الشمال ومن نينوى ومن محافظة اﻷنبار وكاد الحراك السني الذي ظهر بصورة ثورة شعبية على الظلم والطائفية وتعاطف معه العالم كله أن يأتي ثماره وكان يقف وراءه قادة وشيوخ الفصائل الجهادية التي أخبرني أحد قادتها حين طلبت لقاءه وجاء إلي مشكوراً وهو قائد سابق ﻷكبر فصيل جهادي في العراق أنهم يقودون الحراك ولا يريدون أن يظهروا في الصورة لئلا يستعدوا العالم ولتظهر الثورة على أنها حراك شعبي سني من طائفة سامها المالكي الطائفي سوء العذاب بدأ النظام الطائفي في العراق يترنح وبدأ الزحف نحو بغداد وكان لا بد من استخدام الكرت الذهبي والبطاقة السحرية الرابحة لا من أجل ضرب الحراك السني في العراق فحسب بل لضربة مزدوجة للحراكين السنيين معاً في العراق وسوريا وفجأة ودون سابق إنذار وبدون مقدمات تسقط الموصل (بقدرة قادر) بيد دولة اﻹجرام باغية وكما أخبرني قيادات الفصائل السنية المجاهدة التي بقيت لها جيوب في العراق والذين اجتمعت إليهم مشكورين بعد أحداث الموصل قالوا لي كان جند دولة اﻹجرام يتجهون مباشرة إلى اﻷماكن التي فيها المال والذهب والسلاح دون أن يتكلفوا عناء البحث فهم يعلمون بدقة مكان كل شيء وسقطت الموصل دون عناء قتال وتلاشى عشرون ألفاً من حاميتها وذابوا والغريب أنهم خرجوا على أقدامهم وتركوا حتى سياراتهم وسلاحهم الشخصي والمذعور الذي يروم الفرار ويبغي النجاة أسرع له أن يفر بسيارته لكن اﻷوامر صدرت بعدم اصطحاب شيء. وشاهدنا تسجيلات مصورة من قبل الجند والضباط يتحدثون فيها صراحة أن اﻷوامر صدرت لهم بإخلاء أماكنهم والانسحاب دون قتال أو مقاومة كذلك صدرت اﻷوامر لحرس الحدود في المعابر بين العراق وسوريا وما تزال تلكم التسجيلات موجودة لمن أراد مراجعتها يبدي فيها الجند وضباط الصف استغرابهم لهذه اﻷوامر التي تلقوها باﻹخلاء وعدم القتال وترك السلاح قلت للشيخ الحموي يومها ارتقب الليلة أو غداً فإذا عبر ذلك السلاح إلى سوريا(وتلك علة إصدار اﻷوامر لحرس الحدود بإخلاء المعابر وتركها) فما نظنه عين الصواب وهي أنها طعنة مزدوجة وضربة للحراكين السنيين في آن معاً ولم تغرب شمس اليوم التالي إلا وعمر الشيشاني يستعرض بجانب الهمرات يومها أيقنت سقوط دير الزور والذي سيكون مقدمة لضرب الحراك السني في سوريا بعد أن يجهز على الحراك السني في العراق وزاد من قناعتي بعدها بأيام حين رأيت طه فلاحة البنشي على مرأى ومسمع من العالم كله يركب جرافة مكشوفة ليهدم منظومة سايكس بيكو بين العراق وسوريا وكأن الفضاء واﻷرض ليس فيها رقيب ولا حسيب وكانت أرتالهم أثناء نقل (الغنائم الباردة) من العراق لسوريا تمخر عباب الطريق الدولي بين البلدين والعالم لا يحرك إزاءهم ساكناً وقفوا شهوراً عاجزين أمام دير الزور حتى جاؤوا بمدد العراق مال بمئات الملايين وذهب وسلاح وأربعون ألف مبايع جديد من حدثاء اﻷسنان وسفهاء اﻷحلام اغتر بهم هؤلاء المبايعون الجدد بعد أن شاهدوا فلم اﻷكشن الشهير (سقوط الموصل) وسقطت دير الزور وتبعها سقوطات أخرى في الريف الشمالي لحلب وأقصد أخترين وتركمان بارح ووصلوا إلى أعتاب مارع كل ذلك بفضل مال وسلاح ومبايعي العراق الجدد والبطولات الهلامية والانتصارات الوهمية الدعائية بعد بضعة أيام من سقوط الموصل تكتب التايم تحت عنوان ضربة معلم يا سليماني وتقصد قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني كلاماً يشبه إلى حد كبير ما تحدثت به والشيخ الحموي رحمه الله وقيادات الفصائل السنية الذين وقفوا كما أسلفنا خلف الحراك السني في العراق وأفشلته دولة اﻹجرام باغية بفيلم القرن (سقوط الموصل) وخلاصة حديث التايم أنها ضربة للحراكين السنيين بتخطيط رافضي مجوسي خبيث وكان لهم ما أرادوا بفضل سواعد جند دولة اﻹجرام باغية التي قوضت الحراك السني في العراق وأطالت عمر النظام الرافضي الطائفي في العراق وارتدت بالغنائم الباردة لتقوض حراك حراك أهل السنة في الشام وها هي تمضي قدما في تنفيذ المخطط على أكمل وجه في البلدين ومهمتها دوما حيث وجد تحرك ناجح ﻷهل السنة أن يقوضوه وخلاصة القول في أحداث الموصل وما تلاها والحكم عليها إنما يكون بمآلاتها وما جرته على أهل السنة في العراق والشام وسأوجزها بنقاط مختصرة لئلا يتشتت ذهن القارئ: 1- ضرب الحراكين السنيين في العراق والشام والتمكين للروافض والنصيريين في البلدين 2- تهيئة اﻷرض لنزول اﻹيرانيين المجوس كلاعب رسمي بعدتهم وعتادهم لضرب أهل السنة في البلدين وهي المرة الأولى التي يبارك فيها العالم تدخل إيران المباشر على اﻷرض 3- تقويض آخر كيان سني متماسك في العراق عجز الروافض عن تفكيكه فالموصل يقطنها ثلاثة ملايين سني خلص وكانت حجر عثرة أمام المشروع المجوسي الفارسي وكانت إيران بمساعدة حكومتها الطائفية في العراق قد نجحت في تفتيت المدن السنية في اﻷنبار وتشريد أهلها وتشتيتهم لئلا يظل ﻷهل السنة كيان متماسك ولن أضرب أمثلة على مدن محافظة اﻷنبار والمثلث السني جنوبا اليوسفية واللطيفية والمحمودية وكذلك بعقوبة وديالى وبغداد فقد فككت هذه المدن السنية وفتت وشتت أهلها وتمزقوا كل ممزق بفعل مليشيات طهران الطائفية في العراق ولكن الموصل استعصت عليهم حتى جاء جند دولة اﻹجرام فمزقوها وشردوا أهلها 4- تقديم خدمة جليلة لمشروع الشرق الأوسط الجديد وهو تقسيم المقسم وتجزئة المجزء والدليل على هذا بين واضح فقد اتجه جند دولة اﻹجرام بعد الموصل شمالاً ولم يتجهوا جنوبا نحو بغداد بل توجهوا نحو مناطق اﻷكراد وهنا بدأت تتمة المسرحية بردهم عن كردستان فهي حسب المخطط وطن قومي لللأكراد 5- أخيراً سينسحب هؤلاء من الموصل كما انسحبوا من تكريت بعدتهم وعتادهم وسيرتدون مع المبايعين الجدد نحو الشام للإجهاز على ما تبقى من المشروع السني في الشام وهنا تكون ضربة المعلم قد تمت ويكون المشروع الفارسي قد جاوز مرحلة الخطر بسواعد سنية كان غباء أصحابها كفيلاً بأن ينجز المهمة لعدوه على أكمل وجه وبقيت ملاحظة أخيرة فقد يسأل أحدهم سؤالاً مشروعاً وهو عن المعارك ومن سقط فيها من الروافض وهل يمكن أن يكون هؤلاء قد سقطوا من أجل مسرحية وهو سؤال مشروع وجوابه هؤلاء قرابين المشروع الفارسي المجوسي جلهم من الشيعة العرب والمرتزقة الذين جلبوا من أفغانستان وأقلهم بنسبة لا تكاد تذكر من إيران ومشروع إيران هو الهلال الفارسي المجوسي وليس الهلال الشيعي فمشروعها قومي بحت وهي ترى شرف العرق الفارسي وتفضله على سائر اﻷعراق وما التشيع إلا ستار ومظلة تخذته لاجتذاب اﻷنصار واﻷعوان والجنود لمشروعها القومي الفارسي ومن أجل حلمها في استعادة أمجاد اﻹمبراطورية الفارسية وفي سبيل ذلك تضحي بآلاف الشيعة من العرب واﻷعراق اﻷخرى غير العرق الفارسي فهم مطايا لمشروعها وقرابين دماؤهم رخيصة قياساً للدم الفارسي واﻷمثلة على ذلك كثيرة حتى في سوريا والفصائل الجهادية تعرف ذلك جيدا فالنظام السوري ترك مناطق عديدة لدولة اﻹجرام تستبيحها وترك فيها جنوداً سنة تركهم قرابين يذبحون بيد دولة اﻹجرام وكلهم سنة إلا ما ندر وهذا لا يتعلق بمن ضحت بهم الدولة فحسب بل في المعارك اﻷخيرة في حلب كان جل القتلى واﻷسرى من السنة فلا بأس من التضحية بآلاف الشيعة من اﻷعراق اﻷخرى سوى الفرس من أجل تمام المشروع ومن أجل أن تحبك المسرحية وتخرج على أكمل وجه.
فايز الصلاح
محمد عصام
مجاهد مأمون ديرانية
عبد الله السوري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة