فرات الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 2961
شـــــارك المادة
اصطبغت الفترة الماضية في الثورة السورية بتجاوزات شتت أنظارنا عن الهدف الأساسي في إسقاط النظام، وأدخلتنا في دوامة الاقتتال في بعض المناطق، وفي أحيان أخرى، الالتفات إلى إزالة مخلفات ورواسب اجتماعية، تركتها المرحلة التي سبقت الثورة.
جاء ذلك كله، على حساب الثورة، فانشغلنا بالهموم الاجتماعية والمشكلات المعيشية، وشكوى الناس عن ثورتنا، وحاصرنا أنفسنا بتجاذبات داخلية، بعيدة عن الرؤية والهدف الأساسي للثورة، أو في محاولة الحصول على مكتسبات وهمية على الأرض، لتظل البنية والهيكلية السياسية والعسكرية غائبة أو مجرد صورة. وبالطبع، نعترف بأن الظروف المحيطة لم تساندنا، كما أن حالة الخذلان من الدول الشقيقة لا تخفى على أحد.
يوجب علينا هذا العام، وهو يشرف على نهايته، قراءة الواقع والوقوف على دقائقه بموضوعية والاعتراف بتقصيرنا، إن لم نقل شعورنا بالانهزام في حالاتٍ معينة.
ليس ذاك إحساسٌ جماعي، فالبقية الباقية من "المجاهدين" لم تتسلل إليها هذه الحالة بعد. كذلك لا نغفل ما أصاب بعضنا من رغبة جامحة في محاولة كسر قيود الجمود، لكنها تظل محاولات فردية. وإن كانت العزيمة صادقة، فنحن، حتى اليوم، لم نصل بعد إلى النقطة التي نمتلك فيها زمام المبادرة. كانت النتيجة، خلال هذا العام، مؤلمة إنسانياً وثورياً. حيث فقدنا خيرة الأبطال والقادة من "أحرار الشام"، على سبيل المثال، وما تبع ذلك من سلوكيات غير منتظمة في بعض المدن. وفي الوقت نفسه، لم نستطع بين الثورة والواقع الاجتماعي الفاسد إيجاد آلية للموازنة بين الثورة العسكرية والثورة الاجتماعية، لتصحيح الأخطاء، علاوةً على محاسبة المخطئ. ولعل الأسباب تتعدد، ولكل مدينة حكايتها. إلا أن الأصوات المنادية بتصحيح المسار، تظل حبراً على ورق لا ترقى للعمل المؤسساتي الفعال الموحد على مستوى جميع الأرض السورية، بل ظلت كل مدينة تحظى بخصوصيتها وتجربتها، وامتنعت أخرى عن الاستفادة، وكررت ووقعت في أخطاء كثيرة:
على ما يبدو، في داخلنا كمٌّ من المرارة، وحواجز غير التي جثمت في طرقات البلاد، إنها حالةٌ نفسية واجتماعية، فكرية وثورية، أفرزت الخوف، وحصرتنا ضمن مربعه. فبين الخوف على أرواح المدنيين، والخوف من الخذلان، انكشفت نقطة ضعفنا أمام عدونا، ولم نستطع تلافي ذلك، على الأقل، كما حدث في "وادي بردى". لم نفقد بعد البوصلة، لكن الانحراف عن الصواب أمرٌ واقع. لذا، ينبغي إيجاد مخرج بتكاتف جميع القوى الثورية في الداخل، بل حتى توحيد بعض جبهات القتل، بحسب الإمكانية المتاحة، لا بحسب أهوائنا، والعودة إلى العمل السلمي كجزء من تشتيت النظام، وجزء من معركتنا. الحالة الإنسانية المتردية، الآن، تنذر بمزيد من الألم، برد قارس، وكهرباء غائبة، وقود التدفئة نادر أو غير متوفر، والاعتماد على الأخشاب تلك الظاهرة التي زادت عن حدها. إلا أن باب الأمل ما زال موجوداً، تحمله لنا آيات القرآن الكريم: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد).
العربي الجديد
أمير سعيد
عباس شريفة
غزوان طاهر قرنفل
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة