حسان حيدر
تصدير المادة
المشاهدات : 2939
شـــــارك المادة
لا أحد يشبه بشار الأسد أكثر من فلاديمير بوتين. كلاهما يتوسل العنف للبقاء في السلطة، الأول في الداخل بعدما أُجهض تمدده خارجياً، والثاني في الخارج تلافياً لمحاسبة داخلية. وكلاهما يحتالان على الواقع من خلال نظام ودستور وُضعا لخدمة هذا الهدف الوحيد، أياً تكن العواقب على بلديهما.
يتصرف حاكم دمشق الذي لم يعد يسيطر على أكثر من 35 في المئة من الأراضي السورية وكأنه لا يزال الحاكم المطلق لسورية، فلا يفوّت مناسبة للإدلاء بتصريحات ومواقف أمام زواره المقتصرين على مسؤولين إيرانيين ورؤوس من الصف الثالث وبعض السياسيين اللبنانيين.
فيخطب عن «الشعب السوري»، قاصداً القلة القليلة التي تعيش، لضيق السبل، مذعورة في مناطق تخضع لعسف أجهزة استخباراته وميليشياته، ويتحدث عن «مكافحة الإرهاب» الذي كان بين أول مبتكريه ومشجعيه ولا يزال يدير الكثير من تنظيماته، ولا يخجل من تعداد شروطه لوقف الحرب على مواطنيه، ولا من ترداد تصنيفاته في «الوطنية» و «الحكم الرشيد»، ولا يتورع عن اعتبار نفسه مرشحاً دائماً إلى أي انتخابات في أي وقت، وسط تصفيق بطانته المُداهنة.
وقلما تمر مناسبة من دون أن يشكر الأسد طهران وموسكو اللتين لم يكن ليبقى في موقعه من دون دعمهما المتعدد الأشكال، وخصوصاً العسكري.
أما بوتين الذي أمضى حتى الآن 14 عاماً في الكرملين، فصلت بينها ولاية شكلية لكبير موظفيه ديمتري ميدفيديف الذي لا لون له ولا طعم، فبشّر الروس بأنه لا يستبعد الترشح إلى ولاية رابعة في 2018، تبقيه جاثماً فوق رؤوسهم حتى 2024 فقط، في حال لم يستجب لرغبة «نواب الشعب» ويعدل الدستور بما يمنحه الرئاسة مدى الحياة.
ولا يبالي «القيصر الصغير» المتحذلق بأن مغامرته الحمقاء في أوكرانيا توقع بلاده في عزلة سياسية متنامية مثلما حصل في قمة «مجموعة العشرين»، وعقوبات اقتصادية «كارثية» على حد تعبيره، قد تعيدها عقوداً إلى الوراء.
فالمهم بالنسبة إليه إثبات أنه قادر على مقارعة «الأعداء» الذين يريدون «إخضاع الروس»، سعياً إلى إسكات معارضيه في الداخل الذين يشبههم بـ «الفيروس»، بعدما جرب السجن والاغتيال وسلسلة قوانين أمعنت في «تطهير» المؤسسات.
ويتناسق طريقا الأسد وبوتين في اقتراح موسكو رعاية «حوار بين السوريين» يكون حاكم دمشق أحد طرفيه، ويكون الثاني من يختاره هو للجلوس قبالته.
أما هدف الحوار الذي لم تعلق طهران عليه، فليس إيجاد بديل من الأسد، أو حتى حكومة انتقالية بصلاحيات تتولاها المعارضة في وجوده، بل «البحث في مواجهة خطر الإرهاب الدولي»، في استخفاف واضح بمئات آلاف الضحايا السوريين الذين سقطوا، ولا يزالون يسقطون، بأسلحة الجيش النظامي، في مجازر يومية.
ويلجأ المسؤولون الروس إلى أساليب بدائية لإقناع المعارضة السورية بأن موقفهم «تغير» من الأسد ونظامه، عبر تسريبات ووعود يقطعونها إلى بعض الشخصيات التي تحظى برضا دمشق، بهدف تشجيعها على لعب دور في زيادة انقسام المعارضة وإرباكها، لكنهم سرعان ما ينفون هذه التسريبات مؤكدين تمسكهم بشاغل قصر المهاجرين.
وبانتظار موافقة لن تأتي على مشاركة المعارضة في هذا «الحوار»، تستقبل موسكو اليوم وفداً من النظام برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم الذي تبين في لقاءي جنيف أنه لا يملك أي صلاحيات تفاوضية مع أي كان، وأن قرار دمشق يبقى بيد طهران، بالوكالة عن ربيبها الأسد.
الحياة
رندة تقي الدين
غسان شربل
عبد الوهاب بدرخان
أحمد أبو مطر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة