أنور قاسم الخضري
تصدير المادة
المشاهدات : 3576
شـــــارك المادة
(1)
((ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله))..
القتال في سبيل الله يحتاج إلى قيادة مختارة ومزكاة إما ربانياً أو بقبول الأمة، وأن تكون ظاهرة ليلتف الناس حولها. ((ومَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وقَد أُخرِجنَا مِن دِيَارِنَا وأَبنَائِنَا))..
جهاد الدفع أقوى حضوراً في النفس من جهاد الطلب كون أن الدوافع فيه ذاتية وغريزية يوجدها حاجة الإنسان للبقاء والأمن. ((فلما كتب عليهم القتال)).. الجماعة المسلمة تمضي في حركتها بالرؤية الشرعية التي تنظر لمصلحة الجماعة كأمة لا أجزاء منها، وبعد توفر أرض الانطلاق وإمكانياته لذلك جاء الإذن في المدينة للصحابة بالجهاد بعد أن أصبحت لهم أرض يأوون إليها وإمكانات يعتمدون عليها مستقلين عن أي توظيف.
(2)
((إِنَّ اللَّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلِكًا)).. ((إِنَّ اللَّهَ اصطَفَاهُ عَلَيكُم وزَادَهُ بَسطَةً في العِلمِ والْجِسمِ واللَّهُ يُؤتِي مُلكَهُ مَن يَشَاءُ واللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))..
صحيح أن لله مشيئة مطلقة لكن اختياره سبحانه ليس عبثياً، فاختياره لطالوت كان على أسس مناسبة للمهمة، ولم يكن لبني إسرائيل أن يعترضوا وقد فوضوا الأمر لله. والعلم هنا هو علم القيادة والسياسة والتدبير الذي يحصل به مقصود الملك لأنه لا يكون تابع النبي أعظم من النبي علماً في الشريعة، فعلم أن المقصود بالعلم هنا العلم الأخص والأنسب للمقام. أما الجسم فإشارة إلى صلابته وقوته في زمن كان الاعتماد فيه على السيف والرمح وركوب الخيل كمؤشر للقوة، وهي أمور لا تكتمل إلا ببسطة الجسم.
(3)
((قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَينَا ونَحنُ أَحَقُّ بالمُلكِ مِنهُ ولَم يُؤتَ سَعَةً مِن المَالِ))..
هذه مقاييس الملأ في كل زمان ومكان: (نحن أحق بالملك منه) لنسب أو حسب، (ولم يؤت سعة من المال) ثروة وغنى! وعندما يصبح هذان المعياران هما مقياس الاختيار فإن الفشل حليف الأمة أو المجتمع أو الحزب أو الجماعة.
لأنه يتم تعطيل المعايير الحقيقية للتطور والتمكن والاستمرار. الأمر الآخر: أن رجال المراحل الصعبة يظهرون من الطبقة الوسطى.. التي لديها حظها من العلم والجسم.. فهي بعيدة عن فساد وترف الطبقة العليا الثرية، وبعيدة عن انكسار وهوان الطبقة المسحوقة فقراً وجهلاً. والتاريخ خير شاهد.
(4)
((فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)).. وصف الله من صبر على اختبار طالوت بالإيمان تزكية لهم عن من سواهم، ومع ذلك كان الذين جاوزوا معه على مراتب، ففريق قدر صعوبة الحال القائمة في معزل عن أي تأثير، وفريق قدر القدرة الإلهية التي تقف مع الفئة المؤمنة عند أخذها بما تقدر عليه.
الأول نظر بالسنن الجارية والثاني نظر بالاستثناء الرباني الجاري أيضاً على سننه: ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)). وقد عاد الفريق الأول بإيمانه إلى صف الفريق الثاني.. لأن طبيعة المؤمن الاستجابة لداعي الإيمان وإن غفل!
(5)
((وقتل داود جالوت))..
هنا تحولت موازين القوى وهزم طالوت وجيشه جيش جالوت.. لأن أهم أمر في الحرب بين طرفين هو القضاء على الرأس.
أما إذا ظل الرأس موجوداً فإن الصراع يبقى مستمراً، لأن من طبيعة الجبابرة دائماً توظيف الجنود والمرتزقة بشكل واسع وكبير.
لذلك كان أثر بدر في قريش كبيراً، وكان أبو سفيان ينادي في أحد أفيكم محمد؟ أفيكم أبو بكر؟ أفيكم عمر؟ إن قتل داود لجالوت يوضح معنى استعداده للقيادة بعد طالوت.
فهي عقلية ذكية في حسم المعركة بأقل الخسائر. وكذلك شأن المؤمن لا يخوض حرباً عبثية مفتوحة التكاليف دون أن يعرف أسلوب الحسم.
من صفحة الكاتب على فيسبوك
مجاهد مأمون ديرانية
أحمد بن فارس السلوم
أبو محمد الصادق
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة