عبد الرحمن عبد الله الجميلي
تصدير المادة
المشاهدات : 3705
شـــــارك المادة
قام شعبنا السُّوريُّ بثورته الباسلة، فواجهته صعابٌ وشدادٌ، لا يصبر على مثلها إلا من ثبته الله.
واجهته أخلاق فاسدة، ممَّن تربوا على أخلاق النظام الأسدي المجرم، فظلوا أوفياء للرّشوة والسَّرقة والكذب والنَّصب والاحتيال،
فلاقى الثوار منهم ما لاقوا، وواجهتهم خِلَالُ المنافقين الخبيثة، ممَّن يسارع لأي قوة تظهر، فيداعبها، ويناغمها، ويظهر لها الولاء، ويعمل جاهدًا على الإضرار بالمجاهدين، يدل على عوراتهم، ويقدم الخدمات في إضعافهم، وهو خبيث خائن، لا تهمه إلا مصالح ذاته... نعم واجهتهم مفاسد عظيمة، خلَّفها نظام طاغية على مدار خمسين سنة. قام الشعب السوري في ثورته، مطالبًا بحريته وكرامته، ساعيًا للخلاص من الفساد والظلم والاستبداد، ليحيا كما تحيا الشعوب الأخرى، وهو محبٌّ لإسلامه، معتزٌّ بعقيدته، متفائل بالعيش في ظلال شريعة ربه.
فواجهته لذلك مشكلتان شديدتان، كلُّ واحدة تقارع الأخرى في الضرر والتأثير: الأولى: لما رأى الغرب تكبيرات السوريين في ساحاتهم، وسجداتهم في ثكناتهم ومراكز رباطهم، هالَهم الأمر، وأفزعَهم المشهد، فرأوا خيالَ الفاروق عمر بين الجموع، وبريقَ سيف ابن الوليد يلوح في الأفق، فتناسوا ما ادَّعوه من حرية للشعوب... فراحوا يكيدون ويمكرون بالمستضعفين من أهل الشام، فمنعوهم سلاحَ صَدِّ عدوان الطائرات، وضيقوا عليهم، حتى كادوا يخنقونهم، ويمنعونهم نسيم الهواء. والثانية: جماعة مِمَّن تقاصَرَ علمُهم، وتضاءَل فهمُهم، وتعاظمت أهدافُهم ورغباتُهم، وكبُر إعجابُهم بأنفسهم وتنظيماتهم، فلا يستمعون لعالم، ولا يُصغون لناصح.. فلما أبصروا الحال، وتبينوا من محبة الناس لدين ذي الجلال، راحوا يُلهبون مشاعرهم بحرب الطواغيت ونحرها، وإسقاط عواصم الكفر ودحرها، وإعلان خلافة الإسلام ورفع رايتها، دون تقدير للعقبات أو دراسة للقدرات، فمن أجابهم فهو المسلم الصادق، ومن دعا للتريَّث فهو المرتد الخانع... فترك هؤلاء النظامَ النصيريَّ وجرائمه، وتوجهوا إلى الشعب المنكوب يطعنونه في خاصرته...! قام شعبنا السوري بثورته، في عفوية الثورة وسجيتها، وهو واضعٌ إسقاط النظام الفاسد هدفه، وكرامة أهله أمنيته، ورضا الله فوق جبينه، فلا حزبية تمزقه، ولا نخبوية تخلخله، فكان الأمل بالنصر ربيع قلوب كلِّ الشرفاء، والخوف والرعب يملأ نفوس أجهزة أمن النظام ومن حوله من المنافقين والعملاء... ولكن بقايا فساد النظام البغيض، وطيش الغلاة المرير، ومكر العدو الخبيث، واستمرار وتزايد إجرام نظام الأسد على الأعراض والأنفس والأموال... كلُّ ذلك أرَّق الثورة وأتعبها، بل كاد أن يحوِّل الثورة إلى خلاف على الثورة نفسها. واليوم -وفي هذه المرحلة خاصة- تحتاج ثورة الشام إلى أمور عظيمة، يجبُ التركيز عليها، والدندنة حولها، وعلى رأس ذلك رصُّ الصفوف من أجل إسقاط النظام وإزالته، فلا ننشغل بأمور أخرى، تؤخرنا كما تأخرنا، وتستنزف طاقاتنا كما فُعل بنا. كما علينا أن نركز على رعاية المهجَّرين وإعانتهم، وإطعام الجياع وسدِّ حاجاتهم، وهنا تقوى الحاجة للقيام بحركة اقتصادية تنموية استثمارية، نستثمر ما عندنا من ثروات.
وحثِّ الشَّعب كلِّه على الالتحاق بهذا الجهاد الكبير... كلٌّ حسب طاقاته وقدراته، لذلك -ومن أجل استثارة الهمم- لا بدَّ من بيان الخطر الداهم على الإسلام والمسلمين، من النصيرية الحاقدين، والرافضة المجرمين، والعلمانية الخادعين، والغلاة الخارجين، فقد رأينا كيف تفاعلت الأمة وتحركت في قضية نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم! كما ينبغي علينا أن نصوغ من جهادنا المبارك أهدافًا عملية مرحلية متدرِّجة، نراعي في ذلك الإمكانات والقدرات، لنفتح باب المشاركة لجميع الناس، ونضع في حسباننا المخاطر والمصاعب، دون تجاهل لعامل الزمن أو إهمال لوسائل الدَّعم المعنوية والمادية... والعمل -بكل قوة- على إحياء عفوية الثورة وبساطتها، وبذل الوسع في ملامسة ما كانت عليه من صدق وإخلاص، وما اتسمت به من محبة وإيثار. والله أعلم، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الشام اليوم
زهير سالم
زياد الشامي
منير محمد الغضبان
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة