عبد الغني محمد المصري
تصدير المادة
المشاهدات : 3286
شـــــارك المادة
كنت أريد أن أكتب عن حدثٍ حصل في العراق بين الكتائب المناوشة للعدوّين المجوسي والدولي، إلا أنني آثرت أن أعرض حقائق بشكل عام، وعدم تخصيص ذلك الحدث، كي نحاول معاً رؤية بعض الحقائق بعيداً عن الحكم في حدث، قد يتخذ كل امرئ موقفاً مبدئياً في مناصرة أو رجم من يناصر أو يعادي.
من واقع الحراك في الشام والعراق، يمكن رؤية الحقائق الاتية: - المعركة في الشام والعراق هي معركة واحدة، ضد عدو متّحد واحد. حيث لن تنتصر إحدى الثورتين إلا بمؤازرة الثورة الأخرى، حيث تعمل كل ثورة كإحدى كفتي ميزان لحمل العبء عن الأخرى، ولعلَّ خيرَ دليل على ذلك هو أن قيام الثورة العراقية قد أدّت إلى انسحاب كثير من كتائب المارقة الرافضة الآتية من خلف الحدود وعودتها إلى العراق. - دخول أو تحرير أي من العاصميتن دمشق أو بغداد سيكون له وقعٌ كبير على المحور المجوسي والقوى الدولية التي تسانده بقوة وشراسة. - إيران وحلفها تدير معركة واحدة بقيادة واحدة عبر كل من العراق والشام، ويدعمها كل العالم في حربها، ليس بسبب "الدولة" أو "النصرة" كما يشيعون، بل هي حرب لاستعباد السنة وإرضاخهم مائة عام أخرى على الأقل، لضمان مصالح اليهود الاستراتيجية وكذلك الغرب، ومن يتغاضى عن البعد أو يحاول التقليل منه، فتصريحات لافروف، وبوتين، وكيسنجر، وقبلهم جميعاً غولدا مائير، وكذلك مؤسسة رند الأمريكية، كلها تصب في جعل القرار السياسي والعسكري في المنطقة بيد الشيعة، لأن مشروعهم الحضاري هو قتل النواصب -أهل السنة- كي يظهر مهديهم المزعوم، ولا مشروع حضاري آخر لديهم، حيث لا تنافس أومشكلة عقدية لهم مع الغرب أو غيره، بل كل عقيدتهم ولطمياتهم تنصبُّ على ذبح المسلمينن انطلاقاً مما يديره المجوس الفرس. - لو تغاضينا عن أمريكا، وبريطانيا، وعن حديثهم عن تحالف مع إيران لحرب أهل السنة في العراق، وسوريا، يكفينا أن نذكر، ونركّز على إيران فقط، فينبغي أن ننبه إلى حقيقة واحدة وهي أن هناك عدو متّحد ترأسه وتحركه إيران المجوسية في المنطقة، أي أنّ عدوَنا متوحِّد، تدعمه آلة مالية وإعلامية، وعسكرية ضخمة، بتمويل غير محدود. مما يمكّن العدو من خوض المعركة واتخاذ كل قرار بناءً على الخارطة العسكرية للشام والعراق، وليس بناءً على منطقة بعينها هنا أو هناك. - يقابل تلك الوحدة لدى العدو، شتاتٌ لدى محور المستضعفين، تلعب به الاستخبارات، والإعلام، ومصالح الدول. حيث باتت كثير من كتائب الحر، لها سيطرة كل في منطقتها، فتراها في جبل الزاوية هانئة مطمئنة تحسب نفسها محررة، بينما العدو غير عابئ بها، لأنه عندما يحين الوقت سيقطفها قطفة واحدة، فذخيرتها وسلاحها قد لا تكفي لحرب استنزاف لشهر متواصل صعب. ولعلَّ في درس كسب، والدعم اللامحدود للنظام بالسلاح، مقابل شُحٍّ في الدعم للمجاهدين، ثم تخلِّي تركيا عن المعركة بُعَيد زيارة روحاني، وإغلاق الحدود لمنع الدعم ومعالجة الجرحى، خيرُ دليل على أنَّ المعركة مع الحلف الصفوي تحتاج مالاً، ورجالاً، وذخيرةً، وعُدَّةً، وعتاداً بقدرٍ لا محدود. - ولأنه حتى تكتلاتنا الكبرى شتات، فترى أنّ كلَّاً منها، يفكر بالثورة من خلال مناطق سلطته فقط، وليست لديه القدرة على اتخاذ قرار عسكري إلا ضمن مناطقه مما يحرمه من تشتيت العدو وإضعافه وجرِّه إلى مناطق أخرى. - ولأنه لا وعاء واحد للتشكيلات، فقد غدت مشكلة التمويل مأساة للثورة، فالثورة تحتاج المال للذخيرة، والسلاح، وعوائل الشهداء والأرامل، والجرحى، والمقاتلين، وذوي المقاتلين، حيث لا بدَّ من تأمين لقمةٍ شريفةٍ لذوي من حمل السلاح، فهل يُعقَل أنَّ أفضلَ رامٍ للدوشكا في منطقة، يترك كتيبته ويعمل في تقطيع الحجارة كي يؤمِّن لقمة تسدُّ رمق عصافيره من الجوع؟ وهل يُعقَل أنَّ جرحى معارك في منطقة أخرى لم يعد أمامهم بابٌ للعيش الكريم، بعد أن فقدوا أطرافهم في تلك المعارك؟. فمن سيجاهد بعدها بعد أن يرى جريحاً شهماً مقاتلاً، وبعد تعطُّل جسمه، بات عرضة للسؤال أو الإشفاق أو ما نحوه؟. - كل كتائبنا، ولأنها بلا قيادة واحدة على مستوى الشام أو العراق، فهي غير قادرة على إدارة أية معركة حقيقية يمكن أن تجهز على العدو أو أن تصيبه إصاباتٍ قاتلة، بل إنها لم تعد قادرة على خوض أية معركة لتحرير أية قطعة استولى عليها النظام. ولا يعود كل ذلك لتخاذل أو غيره، فالقتال يحتاج مالاً وسلاحاً، وذخيرة، وكل كتائب إدلب، لن تستطيع تحرير وادي الضيف، لأنها مهما هاجمت فلن تكفيها ذخيرتها، لذا ستكتفي كما كان الحال مع كويرس بحصار طويل يرهقها ويستنزفها أكثر مما يستنزف ويرهق العدو المموَّل والمدعوم إقليمياً ودولياً. - ولعلَّ في الغوطة درساً، فمهما كان إخلاص كتائبها، فهي ليست قادرة بأي حال على البدء بخوض معركة فتح دمشق، رغم كثرة الرجال لديها، فتكتفي بالدفاع المستديم، الذي سيؤدي نهاية إلى استنزاف الرجال، واستشهاد الخيرة، ولابدَّ للدفاع المتواصل من تضعضع، إن لم يتوافق ذلك مع هجوم. وحال كتائب حوران ليس أفضلَ حالاً، حيث يقضي مئاتُ الرجال، ولا نيَّة أو عزيمة على التوجه إلى وكر الأفعى لقطع رأسها في دمشق. - وحتى جبهة النصرة، فتمويل القاعدة، لايمكِّنها أكثر من خوض معارك لتحرير حواجز، أو خوض استنزاف لا أكثر، لذا فهي تكدُّ وتجاهد في أكثر من منطقة، تستنزف أكثر مما يستنزف النظام، وإن صمدت كما هو الحال في مورك، لكن للصمود ثمنٌ كبير، وباهظ، إن لم تتوفر الأدوات القادرة على قصف العدو، ولجمه بأسلحة وذخيرة نوعية، وقوة نيرانية هائلة. - تنظيم الدولة سيطر على حقول النفط في دير الزور، مما جعله قادراً على بدء معركة على امتداد العراق والشام، وبات قادراً على تمويل الرجال، والذخيرة، والسلاح، بقيادة تقرأ الخارطة على امتداد العراق والشام، وتلك حقيقة. وأما الحديث أنه سيطر على حقول النفط ويبيعها للنظام أو غيره، فقبل تنظيم الدولة من الذي كان مسيطراً؟ وهل كانت الثورة تستفيد من تلك السيطرة؟ أم أنَّ كل تلك الأموال كانت تذهب لأمراء حرب فقط، لا يفتحون معركة، ولا يضيرون بها عدوَّاً، أو يناصرون بها ثورة؟. - الثورة تحتاج المال، وأكثر منه تحتاج لقيادة تفكِّر بمستوى معركة على امتداد العراق والشام. - لا يمكن للثورة بكتائب مناطقية، لا تعرف أكثر من حدودها، أن تواجه عدوّاً متّحداً، بقيادة مركزية، تقلب الخريطة، وتضرب نقاط القوة، وتراقب النقاط الرخوة. - إن الاستمرار في مواجهة الحلف المجوسي الواحد بنفس العقلية المناطقية، والتمويل الناضب، لن يؤدي بأهل السنة سوى إلى التهجير أو الإبادة. لأننا شتات يحارب كلٌّ في منطقته، ويحسبها الثورة بأكملها، وذلك تفكيرٌ قاصرٌ ليس بمستوى مواجهة عدو يقود حرباً استئصالية بأهداف إقليمية ودولية استراتيجية. من أول مبادئ العلاقات الدولية: "أنه لا عدوَّ دائمٌ، ولا صديقَ دائمٌ، وإنما المصالح تبقى وتدوم"، ومن الأمثال الشعبية والعسكرية: "إنَّ عدو عدوي صديقي". فالثورتان الشامية والعراقية قد دخلتا مرحلة حرجة شديدة الانحدار، وخاصة بعد التحالف العلني بين الفرس وأمريكا وبريطانيا، مع تنصيب حكومة شيعية في العراق، ومحادثات في جنيف ولندن وأوسلو تهدف الى حكومة مناصفة مع النظام النصيري، ولجنة عسكرية مناصفة من الحر وجيش بشار، على أن تتمَّ الموافقة من بشار على أعضاء الحر، ويكون رئيس اللجنة العسكرية مُعَيَّناً من قبل النظام. ذلك هو واقعنا، من دون حزبية، أو تعصُّب، ومن باب المصلحة الثورية الكاملة لأهل السنة، فلا يمكن مواجهة حلف دولي إقليمي بتكتُّلاتٍ محلية، غيرِ قادرة على تمويل معركة لنقل الوضع من الدفاع الى هجوم في دمشق، بل هي غير قادرة حتى على اتخاذ قرار بمستوى الاتجاه شمالاً من حوران إلى دمشق، فالعدو يستنزف شبابَنا وأهلَنا ووجودَنا، والمناطقية ستأكلنا، فإن أردنا مصلحة المسلمين وأهلنا، فلابُدَّ من الاستفادة من تقاطع المصالح، كي تستطيع التكتُّلات خوضَ معاركَ على مستوى الخارطتين في الشام والعراق، وإلا فلا مناصَ من الاستمرار موتاً أو الذهاب إلى جنيف آخر يبدِّل الوجوه فقط، فعوضاً عن بشار يأتي خير بك.
عبد الغني محمد المصري 22-08-2014
ماجد محمد الأنصاري
حسان الحموي
طارق باكير
أرنست خوري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة