برهان غليون
تصدير المادة
المشاهدات : 3431
شـــــارك المادة
يقول الرئيس أوباما عن حق إن التدخل العسكري الأمريكي لا يمكن أن يساعد على حل الأزمات المتفجرة في العراق وسورية إذا لم يتم التفاهم بين العراقيين والسوريين واستيعاب جميع الأطراف داخل النظام. وفي آخر أحاديثه، ذكر بوضوح أنه لا يوجد حل للأزمة في العراق وسورية دون استيعاب السنة في النظم السياسية وإعطائهم حقوقهم.
لكن الذي لم يقله الرئيس الأمريكي هو أن التهميش الذي أصاب شريحة واسعة من أبناء الشعبين، لم يأتِ بالصدفة. فلم يكن الغرب غائباً عن التحولات في موازين القوى الإقليمية والمذهبية. لقد ساد اعتقاد قوي لدى أوساط واسعة من النخبة الغربية، بعد ١١ أيلول ٢٠٠١، وتحت تأثير عويل الدول العربية المرعوبة من نمو المعارضات التي اتخذت طابع الصحوة الإسلامية، بأن الشيعة أكثر عقلانية وقدرة على التفاهم مع الآخر من السنة الموزعين عموماً بين محافظين منغلقين ومتطرفين. لقد كان قلب التوازنات ضد العرب وضد السنة جزءاً من سياسة واعية وتستند إلى تحليلات "استراتيجية". وهذا ما ظهر وتم تطبيقه بشكل واضح في الحرب الأمريكية العراقية، عندما اتخذ القرار السياسي بعدم الاكتفاء بإسقاط نظام صدام حسين وإنما بتدمير الدولة العراقية نفسها وإعادة بنائها على أسس طائفية وتسليمها للميليشيات الشيعية المدرَّبة في إيران والتابعة لها. الآن يكتشف الغرب، على ضوء انتصارات داعش المدعومة بجيش من المحبَطين والمبعَدين والمُهانين من أبناء العرب "السنة"، خطأه، ويحاول تصحيحه من خلال تعديل التوازنات المذهبية داخل الحكومة العراقية. لكن جذور المسألة أعمق من ذلك بكثير. فمن أجل حماية مصالحه الكبرى، وفي مقدمتها أمن اسرائيل وصادرات النفط الحرة، ومواقع التأثير والنفوذ على الحكومات والدول، سعى الغرب منذ عقود طويلة إلى شل إرادة الشعوب العربية، وتفريغها من قواها الذاتية، وتحييدها، ومن ثم سنِّييها الذين هم الأكثرية، ليضعها تحت رحمة ثلاث قوى مفترسة: إسرائيل وإيران الخامنئية والنظم العسكرية والأمنية البوليسية وأحياناً الإرهابية، فقبعت عشرات السنين في مستنقع الخوف واليأس والاحباط والقنوط. وعندما حاولت أن تثور لاستعادة كرامتها وحريتها، وتقف على رجليها، تبنى الغرب سياسة النأي بالنفس، إن لم يساعد جلاديها على الفتك بها. ليس موقع السنة أو حصتهم في حكومات كراكوزية، هما المطلوب، ولن يخرج تحسينهما أي من البلاد المأزومة من طريقها المسدود. المطلوب الاعتراف بفشل السياسة الغربية الذريع في الشرق الأوسط ومسؤوليتها عن المآسي التي تعيشها شعوبه، وتبني سياسات جديدة بالتفاهم مع ممثلي هذه الشعوب تحررهم من الخوف والقلق والحصار الداخلي والإرهاب الذي مورس عليهم من قبل سياسات القوى المتوحشة الثلاثة، والتي أضيف إليها اليوم قوة رابعة وُلِدت في رحم الإرهاب نفسِه وصارت مثاله الأعلى، تنظيم الدولة الإسلامية. قرار مجلس الأمن بالتعبئة الدولية ضد داعش قد يفيد في وقف زحف المنظمة الإرهابية على أربيل وبغداد وربما عواصم أخرى، لكنه لن يبدل تربة الخوف والإحباط واليأس التي لم تعد قادرة على إنتاج شيء آخر سوى الأحقاد والضغائن وإرادة التشفي والانتقام الوحشية. القرار الذي ينبغي على مجلس الأمن أن يتخذه ينبغي أن يهدف إلى القضاء على السياسات المنتجة للإرهاب لا على الإرهاب وحده. من صفحة الكاتب على فيسبوك
عباس شريفة
طارق الحميد
حامد الخليفة
الدرر الشامية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة