نجوى شبلي
تصدير المادة
المشاهدات : 3606
شـــــارك المادة
بعد فك الارتباط مع مصر في وحدة لم تعمر طويلاً بسبب ممارسات استبدادية مارسها حاكم مصر آنذاك لم تجد قبولاً لها عند السوريين، واستطاع حزب البعث العربي الاشتراكي الوصول إلى حكم سوريا عبر انقلابات متتالية خططت لها الدول الكبرى بعد سيطرة الفكر القومي، وفي غفلةٍ من الأكثريّة السنيّة؛ ليصل آل الأسد وبعد هذا كله وفي نهاية المطاف إلى حكم سوريا، واستطاعت معه الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الحكام الجدد أن تسيطر على أغلب مرافق الدولة، ولعل أهمّها الجيش والأمن.
فهل كان لهذه العائلة أن تستمر في حكم سوريا ولأكثر من أربعين سنةً لولا التغييرات التي أحدثتها في المجتمع السوريّ، ومحاولاتها تغيير عقيدته مستعينةً بإيران صاحبة المخططات التوسعية؟! ولتضمن هذه الأسرةُ بقائها في حكم سوريا؟! لعل من أوضح ما أحدثه النظام الطائفي في المجتمع السوري هو التغييرُ لكثيرٍ من المفاهيم التي تعارف عليها أبناءُ هذا الشعب على مدى التاريخ والأجيال، فساد الغشّ طمعاً في المربح تحت مسمى الشطارة، وسادت الرّشوة التي أصبحت في هذا الزّمن إكراميّة أو هديّة، وانتشرت الواسطة تحت ما يسمّى الأقربون أولى بالمعروف. وعمل أصحاب النفوذ والأطماع على الاستعانة بالأمن لأكل أموال الناس وحقوقهم، ودخلت إيران بثقلها لتغيير عقيدة الناس بعد إفراغ العقولِ والقلوبِ من كلِّ ما يمتُّ إلى الإسلام الحقيقيّ بصلة، وبعد أن استطاعت الوصول إلى جيوب بعض ضعاف النفوس من الفقراء الذين أصبحوا يمثّلون غالبيّة المجتمع السوريّ، بل والأدهى والأمرّ أن يتحوّل الجيشُ عن واجبه في حماية حدود الوطن ليحمي نظام الطّائفة؛ وليتحوّل إلى قاتل لهذا الشعب، ولعل ما حدث في حماه من ثمانينيات القرن المنصرم أكبر دليلٍ على ذلك. أمّا الكارثة الكبرى أن تلعب أجهزة الأمن التي استنزفت أكثر ميزانيّة الدّولة دوراً في بعثِ الخوفِ في قلوب النّاس؛ حتى لأصبح الأخُ يخشى أخاه، وأن يمتنع الناسُ عن التّعبير عن معاناتهم لأن الحيطان لها آذان كما يقولون. وكان أن دخل الشعب السوري في التيه. فهل كانت الثورة بعد كلّ هذا إلا ضرورة؛ ولتحدث التغيير في كل جوانب الحياة, سواء الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟! ألم يكن من المتوقع أن تستمرالثورة التي كانت كامنة في نفوس الناس,وظن الحكام الطائفيون أنّهم استطاعوا تثبيت دعائم حكمهم عندما قتلوا أكثر من أربعين ألفا في مدينة حماه, واعتقلوا عشرات الآلاف في المدن الأخرى؟! لقد شاء الله لهذه الثورة أن تنهض من جديد, وأن يدفع الشعب السوري ثمن أكثر من خمسين عاما من الصمت والخوف أضعاف أضعاف ما دفعه في ثمانينات القرن الماضي, وشاء الله لهذه الثورة أن تمتد زمنيا ومكانيا, ولتنفض الغبار عن الوجه الحقيقي لشعب كتب أول أبجدية في التاريخ, وهزم المغول والصليبيين, وكان من المتوقع أن يبني حضارة عظيمة لولا مؤامرات الدول الكبرى عليه. لقد أظهرت الثورة الوجه المشرق لهذا الشعب,فظهر الإيثار؛فالجار لا يهنأ بطعام إلا إذا قاسمه جاره المحتاج طعامه, وظهرت التضحية في أبهى صورها؛ فظهرت خنساوات تقدم إحداهن الولد تلو الآخر راضية محتسبة, وظهر التعاون, ظهرت الشجاعة التي أذهلت العالم, وأخافت البعض ودفعته للتآمر على هذه حفاظا على مصالح هذا العالم الظالم, وحفاظا على أمن إسرائيل. ولعل الأجمل أن ترى عودة الناس السريعة إلى عقيدتهم التي حاول النظام الطائفي تغييرها, أو طمسها في نفوسهم,عودة سريعة دفعتهم إلى التعبير عنها من خلال هتافاتهم في تظاهراتهم, أو من خلال التسميات التي أطلقوها على كتائب جيشهم الحر, ولتبين للعالم أجمع أصالة الدين الوسطي في قلوب الناس وضمائرهم, ولا عجب فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر صحابته بأنّه إذا فسد أهل الشام فلا خير فيهم. إنّ وجود بقية خوف في نفوس بعض الناس, أو وجود رغبة في السلامة والاستمرار في حياة الذل الهادئة, أو الركون إلى الدعة, أو وجود المنتفعين, أمر طبيعي فقد وجدنا مثله في مجتمع المدينة الذي أسّسه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, ولا يجوز هنا تعميم هذه السلبيات, وإضفائها على أغلبية الشعب السوري. السوري بطبعه يتميز بالإصرار والدأب, ولن يقبل أن تتوقف ثورته إلى أن يصل إلى مبتغاه من هذه الثورة. إنّ هذه الثورة قامت بأمر من الله, وستستمر بتأييد من الله لها, فالملائكة باسطة أجنحتها على الشام, ولا بد من التضحيات.
عبد المنعم زين الدين
إياد قنيبي
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة