حسن أبو هنية
تصدير المادة
المشاهدات : 3390
شـــــارك المادة
لا تكف الثورة السورية تدهشنا منذ انطلاقتها في منتصف آذار/ مارس 2011، فقد عملت الثورة على كشف التناقضات وتعرية المواقف وفضح الإيديولوجيات لدى معظم الفعاليات المنخرطة في مسارات "الثورة/ الأزمة" في سوريا، ولعل مسألة "الإرهاب" أحد أهم المفاهيم الإشكالية التي فضحت المعايير المزدوجة للتصنيف الاعتباطي الذي يتبع المصالح القومية للدول.
ففي الوقت الذي يجري فيه تصنيف حركات إسلامية سنية "جهادية" باعتبارها إرهابية، نجد مليشيات إسلامية شيعية "مقاتلة" عابرة للحدود لا تخضع لذات التصنيف مع ارتكابها لجرائم تطهير مكاني عرقي طائفي.
المليشيات الشيعية المشاركة في القتال إلى جانب نظام "الأسد" تتمتع بالحماية والدعم والإسناد من جانب إيران، الأمر الذي يفسر الصمت الدولي تجاه المقاتلين الشيعة، وهو بمثابة إقرار بالتعامل مع إيران كقوة إقليمية مرهوبة، وعلى الرغم عن عمق التناقضات التي تنظوي عليها السردية الإيرانية حول إيديولوجيا الثورة واستراتيجية المقاومة إلا أنها تبدو مأزومة وتعاني من اختلالات بنيوية عميقة، فاصطفاف إيران إلى جانب نظام الأسد "العلوي" ومساندته وتدخله عسكريا ضد المعارضة السنيّة وضعت إيران في أتون صراع طائفي، لا علاقة له بأطروحة "المقاومة" و"الممانعة" للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، وظهر جليا أن سقوط نظام الأسد يمثل لإيران ضربة قاصمة تهدد مكانتها التي عملت على ترويجها منذ قيام الجمهورية الإسلامية. سياسات إيران الجديدة لم تعد تحفل بالجماهير السنية في المنطقة، وبدأت تستثمر في طائفتها الشيعية كقوة قادرة على تحقيق مصالحها بطرائق عديدة، ولذلك فقد تدخلت في سوريا بشكل مباشر عن طريق "الحرس الثوري" و"فيلق القدس" لإسناد النظام الأسدي العلوي، وأمرت حلفائها الشيعة بالتدخل، الأمر الذي امتثل له نظام المالكي الشيعي في العراق، والمليشيات الشيعبة العراقية، و"حزب الله" الشيعي اللبناني، ومليشيات شيعية مختلفة من دول عديدة. القيادات الإيرانية باتت تتحكم بإدارة المعركة الرئيسية في سوريا، أما الجيش السوري فيقتصر عمله على إدارة العمليات الثانوية، فالحرس الثوري الذي كان يحتفظ قبل الحرب بقوة تقدر بـ 3000 ضابط، بهدف المساعدة في عمليات نقل الأسلحة لحزب الله في لبنان وحماية خطوط الإمدادات وتوفير الدعم اللوجيستي وتدريب الضباط السوريين، أصبح الآن يتحكم بخيوط اللعبة، ويعتبر الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الخاص بالإشراف على العمليات الخارجية للحرس الثوري الشخصية المفتاحية في عمليات التدريب والإشراف والقيادة لكافة المليشيات الشيعية في سوريا، حيث تشير التقديرات إلى أن أعداد المقاتلين الشيعة في سوريا تتراوح ما بين 8000 إلى 15000 مقاتل. ومن أبرز المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا: حزب الله اللبناني: تأسس في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان عام1982، باعتباره حركة "مقاومة" للمشروع الصهيوني الإسرائيلي في المنطقة، إلا أن الحزب لا يخفي هويته الشيعية الطائفية وارتباطه بإيران، ويعلن بأنه "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه"، ويقود الحزب حاليا حسن نصر الله، وقد تدخل الحزب بشكل صريح في إسناد نظام الأسد بداية عن طريق المساعدة في مهمات تدريب الجيش السوري على تكتيكات مكافحة التمرد والتي بدأت في 2012، وقد بلغت مشاركة الحزب المباشرة أوجها في معركة استعادة السيطرة على القصير في نيسان/ أبريل 2013، وباتت مساهمة الحزب حاسمة في معركة استعادة يبرود في 16 آذار/ مارس 2014، ويقدر عدد مقاتلي حزب الله في سوريا بحدود 4000 مقاتل. لواء أبو الفضل العباس: من أوائل الفصائل الشيعية التي تدخلت عسكريا في سوريا في شتاء عام 2012 بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب بريف دمشق، وهي مليشيا مدعومة من إيران ظهرت مع دخول القوات الأمريكية إلى العراق، ونفذت هجمات عديدة بين 2005 و2008، وأدمجت في كتائب حزب الله لاحقا، ومن أبرز مجاميعه التي استقلت مؤخرا "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله"، و"كتائب سيد الشهداء"، الأمين العام للواء سوري معروف باسم "أبو عجيب"، ويعتبر العراقي أبو هاجر هو أحد الأسماء البارزة في قيادة اللواء، يضم اللواء مقاتلون شيعة سوريون وعراقيون ولبنانيون، ويقدر عدد مقاتليه بحدود 2500 مقاتل. عصائب أهل الحق: وهي مليشيا شيعية عراقية تأسست عام 2004، أسسها محمد الطبطبائي وقيس الخزعلي وأكرم الكعبي، انشقت عن "جيش المهدي" التابع لتيار مقتدى الصدر عام 2006 بدعم من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني وترتبط بعلاقة وثيقة مع المرشد الإيراني آية الله علي الخامنئي، وهي تتبع حاليا رجل الدين الشيخ قيس الخزعلي، برزت عقب رحيل القوات الأمريكية عن العراق في ديسمبر/ كانون الأول 2011، كأحد أبرز اللاعبين في الحياة السياسية بالعراق، وقد تركت العمل تحت لواء ابو الفضل العباس بداية 2013 وتعمل في سوريا باسم "كتائب حيدر الكرار" تحت قيادة "الحاج مهدي" الذي كان مسؤولا عن العصائب في بغداد. كتائب "حزب الله" العراقي: وهي مليشيا شيعية عراقية برزت عام 2003 كحركة مقاومة لقوات التحالف التي كانت تقودها الولايات المتحدة في العراق، وهي تتمتع بدعم من إيران، وتتبع نهج حزب الله اللبناني الإيديولوجي مع استقلالها التنظيمي، وتلتزم بنظرية الولي الفقيه ومرجعية المرشد الإيراني علي خامنئي، وتخضع لقيادة فيلق القدس، يتزعمه رجل الدين الشيعي واثق البطاط ومؤسس "جيش المختار"، شارك في القتال إلى جانب نظام الأسد مع بداية 2013، تحت اسم "حركة النجباء"، ويقاتل الحزب في سوريا من خلال ثلاثة ألوية وهي: لواء الحمد ، ولواء الحسن المجتبى، ولواء عمار بن ياسر بقيادة الشيخ "أكرم الكعبي". كتائب سيد الشهداء: وهي مليشيا شيعية تقاتل في سوريا بزعامة حميد الشيباني المعروف بأبي مصطفى الشيباني، وهي مجموعة انشقت عن لواء أبو الفضل العباس، وترتبط بعلاقات متينة مع فيلق القدس الإيراني. لواء ذو الفقار: أحد المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا والتي انشقت عن لواء أبو الفضل العباس، يتزعمه حاليا أبو شهد الجبوري هو القائد الثاني للواء ذو الفقار، بعد مقتل قائده الأول "عمران أبو علي"، الملقب بعمران الشمر، وهو من مؤسسي لواء أبو الفضل العباس، وهي تتبع نظرية الولي الفقيه وترتبط بقيادة فيلق القدس. لواء الإمام الحسن المجتبى: أحد المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا والتي انشقت عن لواء أبو الفضل العباس، يدين بالولاء للولي الفقيه المرشد علي خامنئي ويرتبط بعلاقات مع فيلق القدس. لواء أسد الله: مليشيا شيعية عراقية تقاتل في سوريا ظهرت مؤخرا بتجهيزات قتالية عالية، ويرتدي مقاتليه ملابس تحمل شارات قوات التدخل السريع العراقية "سوات"، ويتزعمه أبو فاطمة الموسوي. فصائل شيعية أخرى: وهناك عدد من الميشيات الشيعية العراقية التي تقاتل في سوريا إلى جانب نظام الأسد ومنها: فيلق الوعد الصادق، وسرايا طلائع الخرساني، وقوات الشهيد محمد باقر الصدر، ولواء الإمام الحسين، وتشير بعض التقارير إلى وجود مقاتلين شيعة عراقيين ينتمون إلى منظمة بدر ولواء اليوم الموعود التابع لمقتدى الصدر، وتشير بعض التقارير لوجود مقاتلين يمنيين ينتمون إلى الحركة الحوثية، وتضم المليشيات السابقة مقاتلين شيعة من جنسيات عديدة من الباكستان وأفغانستان وغيرها. وعلى الرغم من مشاركة المليشيات الشيعية في القتال إلى جانب نظام الأسد "العلوي" على أسس طائفية بحجة حماية المراقد المقدسة وارتكابها لجرائم تطهير عرقي مكاني، إلا أن المجتمع الدولي لا يصمها بـ "الإرهاب"، ويقتصر الوسم على حركات سنية جهادية تقاتل نظام الأسد، الأمر الذي يفضج استراتيجيات التسمية ويكشف طبائعها المصلحية السياسية. عربى21
عبد الوهاب بدرخان
جلال سلمي
عامر البوسلامة
مصطفى حامد أوغلو
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة