عابدة فضيل المؤيد العظم
تصدير المادة
المشاهدات : 7779
شـــــارك المادة
خَبّروني عن معركة ذهب ضحيتها مئة أو يزيدون فحزنت، فلما أعلموني أنهم من جيش النظام وأعوانه ارتحت.
تغيرت مشاعري على خبر واحد! فما الذي أحزنني أولاً وما الذي أراحني لاحقاً؟ إنها المشاعر القلبية.
وهل تعلمون أن القلب يسبق العقل؟
القلب يبدأ بالتفكير بعواطف الحب والكره، والرضا والسخط... بناء على تجارب سابقة أثارت لديه الاطمئنان أو الخوف، النفور أو الارتياح، التقزز أو الإعجاب... فيتخذ قراراته ويعرضها على العقل فيقبلها أو يرفضها. ولا يمكن للدماغ أن يفكر بلا مشاعر أو عواطف، هذا محال!
وإن من المفاجآت الكبيرة التي اكتشفوها "خلايا عصبية في القلب" مسؤولة عن التحليل والتفكير؛ والبرهان القاطع على هذه الفرضية ما لاحظه العلماء من تغييرات نفسية جذرية بعد عمليات زرع القلب؛ حيث زرعوا لشاب قلباً صناعياً ففقد الإيمان بالله وفقد المشاعر كلها، وزرعوا قلب شاعر لسائق شاحنة فأصبح شاعراً وهو جاهل، وزرعوا لسيدة قلب شاب فاسترجلت!
أكتب هذا لأخبركم بأن للقلب تأثيراً كبيراً على سلوك الإنسان وقراراته؛ وإن القلب هو بوابة الدخول إلى العقل، ولهذا كان أسلوب الاستعطاف مركوزاً فينا بالغريزة؛ وكل ضعيف أو مستضعف وكل خبيث يستعين به للوصول إلى أغراضه (الشريفة أو الشريرة) ويلين له الطرف الثاني ويستجيب لرجائه سواء أعرف حقيقة ما يراد به -من سوء أو خير- أم جهل.
وإن أكثر الناس يسمعون ويرون بقلبهم فيصدقون كل ما يملى عليهم من كلام بلا تفكير ولا تمحيص، ولا يخطر على بالهم محاكمته بعقولهم، وينسون أن أفعال المرء أقوى من كلامه.
أدرك هذا الرؤساء والحكام فهم يحاولون اللعب بعقول الناس وتوجيههم حسب مشيئتهم. وهل تظنون أن طُرُق سرد الأخبار والحوادث في الإعلام المرئي والمكتوب اعتباطية؟
إنها طريقة مدروسة بعمق وفعالية، استعملوا فيها "علم النفس" في التخطيط والتدبير، وحشدوا لها العقول المبدعة للترويج لأفكارهم، ويستعلمون خططاً مُمنهجة للوصول لمصالحهم؛ عن طريق التأثير على آراء الناس ومشاعرهم وأفكارهم وعقائدهم، وعلى أعصابهم.
ويُجمع الخبراء أن "الحرب النفسية" أقوى الأسلحة أثراً في النصر السريع وبأقل الخسائر في الأرواح والمعدات؛ فهي تستهدف في المواطن عقله وتفكيره وقلبه وعواطفه لكي تحطم روحه المعنوية.
فاحذروا أساليبهم، ونبهوا الناس لمآربهم:
1- فلا يشكوا في سلامة وعدالة الثورة، فنحن على الحق.
2 – ولا تتزعزع ثقتهم في قوتنا النفسية وقدرتنا على إحراز النصر، فقد حيرنا العالم الشرقي والغربي، ولم تنجح أساليبه الماكرة في القضاء على ثورتنا المباركة.
3 – ولا يصدقوا كل ما يبثونه من أخبار الفرقة والشقاق بين الصفوف والجماعات والكتائب، فإنهم يحرشون بينها، ويشوهون سمعتها، والأمور بينها إلى خير.
وإنهم يقلبون الحقائق ويجعلون المظلوم إرهابياً، ومحور الشر منقذاً، والحاكم الظالم السيء جيداً ورائعاً.
4- وكأن محاور الشر وعت أن القلب إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، وأدركوا أنه المحرك للعمل الإيجابي والمرحمة، ومنه الخير والبركة والتسامح والصبر... فيحاولون جعل القلوب قاسية لينتج الفرد المفسد والمسيء كالشبيح وعميل النظام الذي لا تحركه الشفقة ولا يلينه الألم، ولا تثيره المودة والمرحمة... ويؤذي عن قصد ولا يبالي. ومن قسا قلبه فلن يلين عقله، ومن مات قلبه مات عقله سيموت كله. فانتبهوا.
5- ولا تستعملوا أساليب إضعاف القلوب؛ كالتخذيل، التخويف، اللوم، الإهانة... لكيلا تحصلوا على الفشل أو الطيش أو الغضب... وانتبهوا لأن هذه المشاعر السلبية معدية فتنتقل من الكبير للصغير ومن القوي للضعيف... فحاصروها لأنها مؤذية.
التشاؤم قد يهلك صاحبه فعليكم بالتفاؤل، وإن الأمل يحيي القلوب، ويهبها الأمان والاستقرار لتفكر بشكل سليم، وإننا لا نريد أن نكون نحن ضحايا الحرب النفسية بل نريد أن نكون قادتها وردوادها فنستعملها في هلاكهم ونستنقذ منهم أرضنا وديارنا.
علي العنزي
فيصل القاسم
سميرة المسالمة
غازي دحمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة