الطاهر إبراهيم
تصدير المادة
المشاهدات : 6891
شـــــارك المادة
منذ تشكل المجلس الوطني في 2 أكتوبر عام 2011 والساحة السورية يعبر بها مغامرون يبحثون عن دور لهم في مستقبل سورية، وهم يتسابقون، من يكون بيده قرار الدولة المنشودة؟
ولا نزعم أن هؤلاء وأولئك ليسوا من الوطنيين الذين يريدون عودة الأمور لما كانت عليه قبل أن يتسلط الحكم الاستبدادي على مقدرات سورية على مدار خمسين عاما من حكم البعث، وأربعين عاما من حكم حافظ أسد وابنه بشار، الذين استطاعا أن يعيدا سورية إلى ما قبل القرن العشرين، في وقت كان العالم كله يتسابق في ركب الحضارة. لكن يمكن القول إن هؤلاء الأشخاص الذين تكون منهم المجلس الوطني أولا، والائتلاف بعده، كان ينقصهم الكثير لكي يكونوا على مستوى القضية التي تفرض على من يتصدى لها أن يجعل همه الأول البذل والتضحية، وألا يتطلع إلى أي منصب يتولاه أثناء الكفاح لتتحرر سورية من حكم البغي والفساد والقتل. وأما بعد التحرير فالأمر يعود لمجموع الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. قلت في مقالات سابقة نشرت في هذا الموقع، أن تشكيل المجلس الوطني، ثم من بعده الائتلاف الوطني، لم يتم عبر انتخابات حقيقية قام بها الشعب السوري صاحب الحق في اختيار قياداته. وإذا كان الائتلاف الوطني، ومن قبله المجلس الوطني، حاول أن يكسب الاعتراف الدولي بأنه ممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، فإنه لو حصل هذا الاعتراف كليا أو جزئيا، فإنه لا قيمة له ولا يلزم منه شيء في قليل أو كثير. فالشعب السوري هو صاحب المصلحة الحقيقية يجنيها أو الضرر يلحق به، هو من ينبغي أن يعترف له بالشرعية وهو ما لم يحصل. سينصب كلامنا على الائتلاف الوطني بعد أن أصبح المجلس الوطني جزء من الائتلاف. معظم رموز المعارضة الخارجية، وهم أعضاء في الائتلاف الوطني، كانوا يقولون: إن القول والأمر هو بيد الشعب السوري وبيد الفصائل المقاتلة في الداخل. مع ذلك، فهذا الكلام لم يضعوه موضع التطبيق ولو لمرة واحدة. بعض الدول العربية المانحة تأكد لها أن المعونات التي كانت تسلم للمجلس الوطني لا يصل منها إلا القليل للشعب السوري الجائع، ما اضطر تلك الحكومة أن ترسل المعونات مباشرة إلى الداخل السوري. بعد تشكيل الائتلاف طلبت شخصيات سورية أن تنضم إليه، تلك الشخصيات كانت تزعم أنها تمثل تيارات سورية، مع أن أكثرها لا يمثل إلا نفسه. لأن الائتلاف كان موقفه ضعيفا فلم يكن منتخبا من الشعب فقد دخل معها في "بازارات ماراثونية" في اجتماع اسطنبول. وقد أعيد تشكيل الائتلاف بعد صعوبات جمة اقتضت تمديد الاجتماعات لأكثر من أسبوعين. ومع الجزم أن الذين دخلوا الائتلاف كما الذين كانوا فيه قبل، لم ينتخبوا حتى من قواعدهم التي يزعمون أنهم يمثلونها، فقد كان (ولا يزال) الائتلاف ضعيفا، لأنه لا يملك قواعد شعبية تدعمه بالداخل. حتى الإخوان المسلمين لم يتم اختيار ممثليهم في الائتلاف بشكل شوري كما هي العادة. أعضاء الائتلاف القديم والجديد يعلمون أن الدول النافذة وخصوصا واشنطن، أعلنت مباركتها الائتلاف لكي يكون واجهة تمثل المعارضة في مفاوضات "جنيف2"، التي تقول عنه واشنطن وموسكو إنه سيعقد في منتصف شهر نوفمبر. وعندما تم انتخاب "أحمد الجربا" رئيسا للائتلاف كان يعرف ما هو مطلوب منه. فبدأ يدلي بتصريحاته يمينا وشمالا قائلا إن الائتلاف ذاهب إلى مؤتمر جنيف. وعندما اعترض أعضاء في الائتلاف على مثل هذا التصريح، تمت عملية دبلجة وإخراج لذلك التصريح، ومع ذلك لم يقل الائتلاف أنه لن يذهب إلى مؤتمر "جنيف2".
في جو الانسداد في الأفق هذا، فإن أعضاء من الائتلاف جاؤوا من المجلس الوطني، شعروا بضعفهم أمام "الجربا"، ويعتبرون أنفسهم أصحاب السبق وفرسان القنوات الفضائية، فدبروا أمرهم بليل، وقرروا أن يخرجوا من الائتلاف، كما صرح بذلك عضو الائتلاف عن الإخوان. وفوجئنا يوم 12 أكتوبر الجاري أن قناة bbc تستضيف "سمير نشار" عضو المجلس الوطني وعضو الائتلاف، وهو يهاجم المواقف التي تدعو إلى حضور مؤتمر جنيف. وقد رد عليه عضو الائتلاف الأستاذ "هاني اقبيق"، ولم تكن مثل هذه المواجهة لتحصل من قبل، ما أشعر السوريين "أن وراء الأكمة ما وراءها".
وقد صح ما توقعه السوريون، إذ فوجئوا بالمجلس الوطني يصدر منفردا بيانا في 13 تشرين أول الجاري يعلن فيه رفضه مؤتمر جنيف2، معللا ذلك بخيبة أمله من المجتمع الدولي. وأهمية هذا البيان أنه مقدمة لإعلان انفصال المجلس الوطني عن جسم الائتلاف. موقف المجلس الوطني هذا سينتج عنه زعزعة في صفوفه، وليس لديه أوراق كثيرة ليبرزها أمام الشعب السوري والجيش الحر. وكان أثبت فشله قبل تشكيل الائتلاف، فلم يستطع أن يقدم الأسلحة والمال للجيش الحر، أو أن أيقنع المجتمع الدولي للمساعدة في ذلك، وهو الآن أضعف من ذي قبل. ويقول الخبراء إن أفضل شيء يفعله المجلس الوطني أن يتحول إلى حزب سياسي. وما يتبقى بعده من جسم الائتلاف، فسيكون مثل حزمة الحصى، تتبعثر زرافات ووحدانا. لن يأسف الشعب السوري كثيرا على فرط عقد الائتلاف، بعدما شعر أنه لعبة في يد واشنطن، وأنه كان يعمل لمصلحته أكثر مما كان يعمل لمصلحة الثورة السورية. لا نتهم هؤلاء وأولئك بوطنيتهم ونقول لهم: اتركوا الشعب السوري يقلع شوكه بيده. وهو لن يقبل أن يكون أغناما يقودها المجلس الوطني والائتلاف. العصر
سيار الجميل
وائل قنديل
فاروق يوسف
غازي دحمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة