مهدي الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 7211
شـــــارك المادة
من عوائق التطبيق الفوري للشريعة: 1ـ عدم (وضوح) وحدة الرؤية للأولويات: إن انعدام الحرية السابق بل إن القمع المسلح والسجون كانت عقوبة لكل من يدعو إلى الفكر الإسلامي وبالتالي للتبادل الفكري, وتوحيد الرؤية وتطوير الوسائل سواء في مراكز الجماعات الإسلامية أو المساجد أو المدارس أو الإعلام أو الكتب منذ عهود الناصرية والبعثية والقذافية والبورقيبية..
كما أن الحكم الإسلامي قد غاب عن الخلافة منذ أكثر من 80 عاماً, وقد دخلت الحياة متغيرات كثيرة خلالها ولم يمارس فيها المسلمون شؤون الحكم بشكل متواصل وجيد وواعي ومتحضر (ففي المجال العلمي مثلاً تطور العالم مدة الخمسين عاماً الأخيرة ما يعادل كل التاريخ البشري منذ ملايين السنين) - لذا فالإسلاميون بحاجة ماسَة لوقت يتحاورون فيه بحرية مع بعضهم؛ ليخرجوا برؤية واحدة وفكر موحد في النظرة السياسية المعدة للطرح على المجتمع لحل مشاكله المختلفة في ضوء الشريعة, ويميزون به الأساسي من الفرعي كالأخذ بالنصوص القطعية الثبوت والدلالة(لأنه مقطوع بها أنها أوامر الله التي لا تخطئ, وإذا كان للنص ظاهر وباطن وجب أخذ الظاهر (وهو من مبادئ حزب النهضة في تونس), ويشرع البرلمانيون في إطار لا يصطدم مع السابق, مع إيماننا بضرورة وجود الفتوى الجماعية مع متخصصين, فيما عدا ذلك تكون هناك منابر محاورة وغير ملزمة, وينتهج الطرفان تحقيق مقاصد الشريعة (حفظ النفس والمال والنسل والبدن والعقل والدين) مع الأخذ بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات, لكن هذا الجدل ووجود المعارضة والرأي المخالف سيستمر طول الحياة ولن يتوقف: ولا يزال الناس مختلفين. - إن تشتت الرؤية السياسية من خلال فهم مختلف للواقع والنصوص أو بسبب الـ ( أنا) الشخصية أو الحزبية موجود بين العلمانيين والإسلاميين على السواء (لكن خلاف العلمانيين وتشتت آرائهم هو أشد بكثير جداً , كما أن سلوكهم أسوأ بكثير , هكذا خبرناهم في السجون , وقد أحبونا وأحبوا عشرتنا وكرهوا بعضهم البعض) والتحدي اليوم قائم لبناء سورية ضمن ما اتفقنا عليه بيننا وبينهم؟ 2 ـ عدم تبلور قيادات إسلامية واعية: فقد شجع النظام المنافقين من المشايخ الوصوليين والمغفلين أو استغل بعضهم , كما في اجتذاب البوطي ضد الإخوان المسلمين حيث هاجمهم منذ عام 1974 في كتابه باطن الإثم ثم ضد ثورة 2011 وكذلك الشيخ محمد الشامي وحسون، كما أن النظام طارَدَ وضيّق وأعدم وصفى جسديا كل القيادات الإسلامية المخلصة والواعية والشريفة وفي مقدمتهم الثائر الأول القائد الشهيد الشيخ مروان حديد. - وقد نجح النظام مع الأسف في تشويه سمعة الإسلاميين لدى محدودي الوعي والثقافة وبعض الجهلة (فحتى حين قتل عشرات الألوف في حماة ألصق جريمته بهم، واشترط على كل عائلة شهيد التوقيع أمام القضاء بأن الإخوان قتلوا ابنه أو أخاه أو قريبه ليعطوهم شهادة الوفاة لتصفية الإرث, وقالوا عنهم: إنهم إيديولوجيون يناصرون بعضهم كعصابة للتسلط على الناس واتهمهم بتفجيرات نفذها, وسوّق أن المقاتلين الإسلاميين تركوا الناس وهربوا , مع أن نسبة عالية جداً منهم قد استشهدوا في معارك مع النظام الجائر وقد نفذت ذخائرهم, ولم يلاقوا نصرة من المدن الأخرى,نعم لقد هاجر قسم منهم لكنهم لم يكونوا من التنظيم العسكري للإخوان. ولكن يوجد آلاف الإسلاميين القياديين المطاردين منذ الثمانينيات فهل يعودون وينقلون لنا تجارب الدول الأخرى ويمدوننا بالمال؟
إن تجربة تونس قد بينت أن الجميع قد عادوا لأعمالهم بالخارج لكن يستفاد منهم في زيارات دورية لبلدهم , إلا أن معظم المطاردين السوريين من الإسلاميين فاقت أعمارهم الستين عاماً وقد يقررون الإقامة (حسب ما لاحظت أغلبهم) أو يعودون للخارج للعمل المجدي مادياً , أو ليعيشوا مع أبنائهم الذين ولدوا ويعملون في الخارج.لكننا يجب أن نكافح اتباع الأشخاص والرموز والإقليمية لصالح الفكر السياسي, والذي ينبغي أن يكون الكفء هو المرشد الحقيقي الذي يجب أن يوجد في كل شخص وليس صنع زعامات تبتلع المبدأ لصالح الشخصنة, وإعطاء شرف النجاحات للمجموع وليس للأشخاص القادة, ولصالح الشعب وليس لصالح الجماعات أو الزعامات , وهذا هو الوقت المناسب ليعم روح الثورة. 3ـ عدم وجود الوسائل الكافية: لقد أبعدت السلطات العلمانية المتعاقبة كل الإسلاميين عن جهاز الحكم فنتج عن ذلك ضعف الخبرات في إدارة الدولة والمجال السياسي, وقد يقول البعض: إن الإسلاميين اليوم يستطيعون استخدام الخبرات من كافة المجتمع, وهذا صحيح إلى حدّ ما, ولكن ماذا يعني أن تحكم وأنت لا تستطيع ممارسة شؤون الحكم حتى في المفاصل الرئيسيه للحكم, غير أن العلمانيين توالدوا بشكل من الأشكال من نفس الرحم الذي ولد منه البعث في سورية, أو كانوا توائم له في عدة مراحل, منذ حوالي 50 عاماً في سورية ومصر وليبيا وتونس... ومن المؤسف أن الإسلاميين عموماً لم يتغلبوا على هذه السلبية في إدارة الحكم, ولم يعدّوا الكوادر اللازمة من اقتصاديين ومتخصصين بالعلوم السياسية ومكاتب الدراسات والإعلاميين... وبعضها ضروري حتى قبل استلام الحكم أو المشاركة فيه وحتى اليوم فإن 13 ألف موقع على الإنترنيت من العلمانيين في تونس مقابل القليل منها للإسلاميين. - إن هذه المناهج غير المتطورة تتسبب بتشريد الكثير من عناصر الجماعات الإسلامية عندما يكبرون في السن بسبب وقف التطور ومحدودية المعرفة لقيادة وتطوير وخدمة المجتمع الذي نعيش به والتفرغ للمهمات. - نعم إن الإسلاميين لا يتقنون الوسائل والتخصصات الحياتية العملية أكاديميا بشكل جيد ووافر, ولم يكونوا يتصورون بزوغ فجر الربيع العربي والسجون مسكنهم, والمنافي نصيب المحظوظين ممن بقي على قيدالحياةمنهم, وكان تشتتهم هذا من أسباب عدم الإعداد واتخاذ الكثير مما يلزم من الدارسين للعلوم السياسية والإعلام وغيرها، وإن كان هذا التوزع قد أفاد في عملية التنوير لدى البلدان التي عملوا بها؛ لكنهم غير معذورين حيال هذا التقصيرفي بعض التخصصات المطلوبة لحياتنا المعاصرة . 4 ـ تباعد الجماعات الإسلامية وكما كانت الأحزاب أدوات لازمة لتوحيد الرؤية فقد توجب على مختلف الجماعات الإسلامية توحيد رؤيتهم السياسية بشكل حقيقي يتعدى موضوع إسقاط النظام الذي اتفقوا عليه , وأنا هنا أسال هل اجتمع الشيخ العرعور (السلفي) مرة واحدة اجتماعا رسمياً مع قيادة الإخوان المسلمين لتوحيد الكلمة والجهود حيال ما يحصل على الأرض السورية من جرائم ؟ و للشيخين رشيد رضا وحسن البنا دعوة إلى قاعدة توافقية : (تعالوا نعمل لما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) إن إيجاد القواسم المشتركة للرؤية السياسية للإسلاميين يمهد لتقارب الرؤية لا لقواسم المشتركة مع العلمانيين. ولا أعني هنا دمج الأحزاب والأديان ولكننا نريد تحويل الصراع المسلح إلى سلمي والصراع السلمي إلى حوار والحوار إلى تعاون وتنافس شريف في خدمة الوطن والأمة. 5ـ الأقليات: إن الأقليات العددية من غير المسلمين أومن غير أهل السنة ستشكل مع العلمانيين - وخاصة العدائيين منهم - وبقايا النظام السابق وكذلك المسلمين من المنفلتين من الالتزامات الشرعية , والذين يخوّفون الناس بالعقوبات الإسلامية لشاربي الخمر والإلزام بالحجاب الشرعي ضمن الحكم الإسلامي , وكذلك بعض الأكراد الذين ينحصر همهم في عمل دولة كردية سيشكل كل هؤلاء مع الأسف تجمعاً معادياً – في تقديري - لتطبيق الشريعة الذي يريده الإسلاميون لأن همهم الأول قيام الدولة الكردية وليس الإسلامية بالدرجة الأولى, لأن الحزبيين يعملون بروح المنافسة الحزبية, إن لم نقل العداوة الحزبية.
ومازلنا نسمع دائماً من الشيوعي هيثم المناع أو من كتابات السيد ميشيل كيلو تصريحاتهم المغرضة:
إن الإسلاميين يريدون استبدال استبداد البعث بالاستبداد الإسلامي , ولأن المسيحيين لا يدركون مراجعات الإسلاميين الأخيرة في كل العلاقات مع الآخرين فقد يضللهم أمثال هؤلاء. - لذا فإن إعطاء فترة كافية سيمهد لدخول مسيحيين وآشوريين في حزب سياسي إسلامي سياسي جديد؛ مما سيخفف مخاوف المسيحيين في المرحلة الانتقالية, تماماً كما كان من حزب الحرية والعدالة في مصر حينما شارك معه المسيحيين, وكان نائب حزب الحرية والعدالة من الأقباط, ثم أليس من العيب أن نطبق الدستور الفرنسي ونترك ثقافتنا وتاريخنا وخبراء القانون لدينا؟!
ولن يكون الحكم طائفياً بعد اليوم مقابل طائفية مورست علينا, ولن نظلم أحدا لأن ثورتنا قامت ضد الظلم, ولن نسمح لأجنبي أن يتدخل باسم حماية الأقليات من أبناء الوطن وآسف للفظ الأقليات لأن الأقليات يجب أن تسمى بها الأقليات السياسية فقط في دولة المواطنة لا الطوائف ولا الإثنيات, لأن المواطنة هي الأساس في دولة المستقبل ؛ لكن يجب أن يكون هناك ضمان للحقوق جميعها؛ لأن العفو عن المجندين في جيش الشرق الذي كان يقاتل آباءنا المناضلين ضد فرنسا جرّ خلفه الويلات في تفخيخ وتلويث الجيش الوطني السوري فيما بعد وسرت فيه روح القتل للشعب من الآباء للأبناء . 6 ـ عدم إمكانية قيام الإسلاميين لوحدهم بأعباء الدولة: إنه لا يوجد أي حزب أو جماعة يستطيع القيام بالسلطة لوحده ومنهم الإسلاميون لأن النظام منع عملياً كل أشكال العمل السياسي والحزبي عليهم , وبما أن التحديات كبيرة كالفقر والتخلف والبطالة والمرض والحاجة لإعادة البناء ووجود إسرائيل وتسلط أمريكا , فلا تستطيع جماعة إسلامية واحدة أو الجماعات الإسلامية مجتمعة أو أي حزب سياسي أن ينهض بالمسؤولية لوحدها , ولا يصح أن نقارن مع مصر فالنظام السابق في مصر أعطى بعضا من الحريات وسمح بتداول الفكر , وقد كان هناك مؤسسات دولة , وليست مزرعة عصابة كما في سورية ؛ لذا علينا تجاوز التحديات ومحاولة إيجاد القواسم المشتركة بين الجماعات الإسلامية وكل الأحزاب الأخرى والأقليات الدينية من أجل بناء الوطن وإسعاد مجتمعنا ومقاومة الأعداء. 8- ضعف الكيان القطْري: إن الدولة ذات القرار المستقل لا يمكن أن تستمر بقرارها الداخلي النابع من مصلحة وثقافة الأمة إلا أن تكون أمة واحدة كبيرة تتجاوز القطرية , وإلا فإننا سنظل تحت ضغط المصالح الغربية والتهديدات الإسرائيلية باستمرار ؛ لذا فإن أي مشروع لا يمر من خلال وحدة الأمة ليس له نصيب من النجاح , وسندفع الكثير من التضحيات الضائعة ما لم ننجز وحدة الأمة المتميزة , وإلا فلماذا كل الأمم ضمن دول مستقلة كالأمة التركية والفارسية والفرنسية إلا نحن العرب ثلاث وعشرون دولة لا يجمعها قرار ولا سياسة ولا اقتصاد واحد فمازالت مقسمة كما أرادها الاستعمار , إن هذه الوحدة للأمة لو تمت ستذيب الدور السلبي الذي تلعبه بعض الأقليات المتعصبة .. 8ـ إسرائيل والغرب: إنه ليس هناك أحد يعادي إسرائيل كالإسلاميين وقد أدركت إسرائيل ذلك منذ دخول الإخوان المسلمين في حرب فلسطين عبر الحدود من سورية ومصر, وكذلك كان منهم حركة المقاومة العنيدة حماس ذلك أن الإسلاميين يقاتلون اليهود كجزء من عقيدتهم, وترى إسرائيل أن من مصلحتها تقسيم سوريه.
وكذا تصطدم أمريكا مع الحركات الإسلامية في العالم كله تقريبا, وسيكونون مع أي طرف يعمل ضد الإسلاميين؛ لإزالة حكمهم إن تصرفوا باستقلاليه تامة , لذا وجب أن يكونوا أقوياء وعلى دراية كافية قبل استلام السلطة. أما الغرب فلنتذكر أنه أسقط حكومة مصدق الوطنية في إيران خلال فترة قصيرة عن طريق الحصار الاقتصادي , إن الغرب بدأ يدرك أنه يجب أن يكون مع الأغلبية ولكن يفضل غير الإسلاميين وإلا فإسلاميون حاكمون بدون استقلالية القرار,وبأسواق وأجواء مفتوحة للغرب . 9 ـ الحاجة لتربية جيل جديد: إن بصمات النظام طبعت هذا الجيل لتفسده بالرشوة والمحسوبية والميوعة وعلينا إخراج جيل جديد يؤمن بثقافته وأهمية رفعة وطنه , وعلى المصلحين أداء دورهم بالاستفادة من روح الثورة لتعزيز التربية التي بدأت التطهير ذاتياً وانتهجت الرجوع إلى الله وحب الناس وفداء الوطن,وقد كان استمرار الثورة الطويل عاملاً إيجابياً في هذا المجال . أخــــيــراً : إن الدعوات الصادرة من الشباب السوري للحكم الإسلامي والتي سمعتها كثيراً اليوم لهو شيء عظيم مفرح أحبه وأتوق له , ويذكرني بما كنت أسمعه من خطب الشيخ الشجاع مروان حديد في مسجدنا مسجد السلطان في حماة عام 1963 والذي كان صوتاً مغرداً خارج السرب في عيون الشعب وحتى الإسلاميين المنقسمين إلى صوفيين وتبليغ و...., وكان هو الصوت المعبر والمبرز والمفعـِّل للفكر الإسلامي في قضية قيام الدولة الإسلامية في سورية وتنفيذ واجب الإسلاميين في التصدي للدكتاتورية بالطرق السلمية ثم العسكرية عندما لم تفلح الأولى، إن علينا احترام تطلعات هؤلاء الشباب, لكن التطبيق السريع المرتجل سيكون عملاً مضاداً لتحقيق الحكم الإسلامي وسبباً في إفشاله كذلك, مع عدم السماح للنظام الأسدي وأنصاره بالعمل السياسي , وكذا كل من تسلم مسؤولية في حزب البعث الخائب الفاسد. وعلينا التفكير بعيداً عن ردة الفعل أو العصبية لما أصابنا من أعداء الإسلام , بل علينا التخطيط ووضع إستراتيجية شاملة وناجحة ومضمونة ودؤوبة لتحقيق الهدف,ضمن الاستفادة من تجارب مصر وتونس وليبيا.. كما أرى أن هناك المزيد من الحاجة للاستفادة من المعطيات وتنسيقها حسب تطور الثورة بعد الانتصار , ولكن بقبضة واحدة وإن تعددت الأصابع , لذا فإن دخول انتخابات المجالس وعمل مؤسسات خدمة المجتمع المدني وغيرها هو أفضل من دخول قيادة الحكم الآن في سورية وأنفع في الدنيا والآخرة. فإلى التسابق في بناء وخدمة هذا الشعب المضحي العظيم حباً لله؛لأن خدمة الناس هو طريق يقرّب من الله ؛ لكننا اليوم علينا أن نصب جهودنا جميعاً لإسقاط هذا النظام المجرم القاتل , وبعون الله سننتصر
ثوار العاصمة
سلوى الوفائي
ماهر علوش
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة