حسان الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 3533
شـــــارك المادة
في السنوات الماضية كان المروجون لصفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) يتفاخرون بأن موقع التواصل الاجتماعي كان له دورا كبيرا في نشر الفكر الثوري بين ثوار الربيع العربي، وأن ثوار أول دولة من دول الربيع العربي اعتمدت عليه كثيرا في التخطيط والتنسيق والمتابعة ونقل الأخبار والحقائق؛ وتعرية الأنظمة وتشكيل المجموعات ونشر الأفكار الثورية؛ وتوعية العامة؛ وخاصة جيل ما يسمى (الفيسبوكيين).
وقد نسب الكثير من انجازات الثورة إلى الطريقة التي تلقف فيها الثوار التسهيلات المقدمة من تلك الصفحات وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي وتسخيرها لصالح الثورة في جميع دول الربيع العربي . لكن الملفت للنظر أن أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي ربما أصبحوا يتململون من طريقة العمل العشوائية التي وَلَّدت ضغوطا فائقة على تسيير تدفق المعلومات ونوعيتها ورقابتها وضبط إيقاع النشر؛ والتواصل، سواء حول المادة المنشورة؛ أوالأشخاص المستخدمين؛ أو طريقة الاستخدام، حتى رأينا في الفترة الأخيرة ((مسيو مارك)) بدأ بشطب حسابات المشتركين وفرض الإنذار تلو الإنذار على النشطاء وإغلاق الصفحات لفترات طويلة، وخاصة مشتركي الفيس بوك من مؤيدي ومعارضي الثورة السورية. خاصة إذا علمنا أن التعامل مع تلك المواقع أصبح أقرب إلى الإدمان؛ حتى عند الطبقة المثقفة التي لم تتعود يوما استخدام أي وسيلة اجتماعية؛ سواء من كبار رجال الصحافة والفكر والفن والسياسة، لأنهم أدركوا مدى أهمية هذه المواقع في نشر الفكر، والفكر المضاد للثورة عند العامة، وفي ظل عجز الأنظمة من السيطرة على تلك المواقع، بكافة السبل التقليدية التي يلجؤون إليها، نظرا لتنوعها وكثرتها وحداثتها وتطلبها لكميات هائلة من الخبراء للتعامل معها. أيضا لأن تلك المواقع شكلت البديل السريع لنشر الأخبار والصور والأفلام عن مجريات الأحداث لحظة بلحظة، مما جعلها المنافس الأقوى للمحطات التلفزيونية، أيضا لجرأتها على طرح المحظورات من الافكار والصور والأفلام ، سواء من الناحية الإنسانية أو السياسية أو الاجتماعية... . طبعا نحن نعلم أن هناك مضار كثيرة صاحبت هذه المواقع؛ إضافة إلى المحاسن التي ذكرناها سابقا، ولكن الجميع يعلم أن لكل تقنية جديدة مسالب ومحاسب تنبع من طريقة الاستخدام واتجاهات وثقافة وميول المستخدمين. خاصة إذا أدركنا أن غالبية المستخدمين هم غير منظمين أو موجهين، أو يعملون وفق استراتيجية مرسومة، ووفق سياق محدد مسبقا. وإنما مسار هؤلاء المستخدمين يرسمه الحدث والسبب الذي استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي من أجله. لذلك علينا أن نكثف جهودنا وأن ننظم العمل ضمن مجموعات وأن نبدأ بوضع الدراسات العلمية، تحت رعاية الحكومات الجديدة التي أنتجتها تلك الثورات، بغية اجتناب محاذير هذا الاستخدام العشوائي. أيضا تجنيب مجتمعاتنا مخاطر الانزلاق في مسارات الثورات المضادة؛ لكيلا نقع في دوامة الثورة والثورة المضادة؛ من خلال استخدام هذه المواقع للتجييش والتجييش المضاد. وفي النهاية نقول لمستر مارك (حلمك علينا) لن نحل عن الفيس قبل إعدام الخسيس. حتى وإن شطبت جميع المستخدمين فسنبقى نخلق الصفحات المؤيدة والمعارضة حتى زوال آخر طاغية في هذا الزمن. وربما من سوء حظ مواقع التواصل الاجتماعي أنها كانت المحرك لأول ثورة وللثورات الحالية وربما للثورات اللاحقة حتى يجد الثوار وسائل أخرى بديلة يستطيعون من خلالها خلق المجال الذي يستطيعون إنجاز حركاتهم الثورية لتغيير واقعهم المعاش. وحتى ذلك الزمن نذكر مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بقول ربنا : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]
أحمد أبازيد
عبد الكريم بكار
أبو عبد الملك الشرعي
أحمد دعدوش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة