..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

كيف يحاصر العرب والعجم الثورة السورية؟

علي الأمين

٤ يناير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7201

كيف يحاصر العرب والعجم الثورة السورية؟
1.jpg

شـــــارك المادة

لا يقلل وصف ما يجري في سورية بـ"ثورة" من حجم المخاوف المذهبية والطائفية، ولا من محاولات الدول الكبرى والمؤثرة في الميدان السوري استثمار الدم والدمار السوريين في صراعاتها ونظام مصالحها الخارجية والداخلية. فالربيع العربي عالق في عنق الزجاجة السورية، بقوة لجم أممية، سواء من قبل النظام السوري المتداعي ببطء والمتماسك أمام الثورة من جهة، أو بقوة المصالح الإقليمية والدولية المتقاطعة عند الخوف من اليوم التالي لسقوط النظام.


ويتجلى هذا التقاطع باستمرار تدفق الأسلحة والدعم المالي و"اللوجستي" لنظام الأسد من قبل روسيا وإيران بالدرجة الأولى، وبتقطير السلاح في المقابل للمعارضة السورية، بما لا يخل بعسكرتها، ويحول دون تحقيقها تفوقا نوعيا على سلاح الطيران النظامي سواء بسلاح الصواريخ أو عبر فرض حضر جوي من قبل الجهات الدولية الداعمة.
موقف المملكة الأردنية الهاشمية يعكس ميزان الموقف العربي والخليجي تحديدا.
فالمملكة تتعامل مع التطورات في سورية بوصفها حدثاً أردنيا يمسَّ أمن النظام الملكي ومستقبل الدولة، منطلقة من اقتناع تكشفه الوقائع السياسية والميدانية، مفاده أن نجاح الثورة السورية لن يكون نظامها الهاشميّ في معزل عن نتائجه التغييرية.
هذه المخاطر على النظام تمتد إلى دول الخليج، التي تستشعر بعض أنظمتها الخطر، وتحاول لجمه ومحاصرته بإظهار كلفة التغيير الثوري أمام شعوبها المتحفزة له، وعبر محاولة تلميع سطحية لنظام لا يزال يعتقد القائمون عليه أن التاريخ يمكن أن يتوقف على أبوابه من دون أن يهزّ أركانه المتصدعة أصلا.
تقاطع المصالح بين الحلفاء الدوليين والإقليميين وخصومهم يرتكز إذا على منع امتداد شرارات الثورة السورية إلى خارجها، وهو منع تتوفر له جملة وسائل تضاف إلى الوسائل "اللوجستية" الآنفة، التي تمنع الحسم سواء من قبل "النظام" أو الثوار.
ويشكل الجانب المذهبي والطائفي عاملا حيوياً من هذه الوسائل.
فقد وفرت طبيعة النظام السوري الطائفية والدعم الإيراني المستمر له سلاحا نوعيا لخصوم النظام السوري الإقليميين، أتاح استثماره في محاولة نقل السجال والصراع إلى حيّز مذهبي، استنادا للالتفاف الإيراني والشيعي عموما حول بشار الأسد، ومظهرة هذا البعد في الصراع بوصفه سلاحا نوعياً للجم التاريخ والدفع لإبقاء الربيع العربي معلقا في عنق الزجاجة السورية.
وقد فرت إيران في مواقفها من الثورة السورية والعراق خلال السنوات الماضية، وصولا غالى موقعها في لبنان والبحرين، مادة غنية للاستثمار من قوى النظام العربي والدول الكبرى.
مادة تقول إن الخطر على الشعوب العربية، وغالبيتها السنية تحديدا، كامن في التهديد الإيراني وبالتالي في الخطر الشيعي.
استثمار وجد صداه لدى الرأي العام الذي بات أكثر ميلا لعصبية مذهبية، وهو ما أتاح لبعض الأنظمة الخليجية القيام بعملية تدجين للمعارضين من غير الشيعة، عبر عمليات طرد أو اعتقال طالت خلال السنة الماضية شخصيات نشطة، أو الحديث المستمر عن كشف مزاعم "شبكات تخريبية" في دولة الإمارات العربية... كل ذلك يتم على وقع دعاوى التهديد الإيراني من جهة، وتظهير الكلفة العالية للتغيير في سورية، وبالتالي التواطؤ على الربيع العربي ومحاولة دفنه في سورية.
لكن ثمة وجه آخر لا يمكن التكهن بتأثيراته المستقبلية، وهي ظاهرة تشكل هيئات مناصرة للشعب السوري وثورته على امتداد العالم العربي والإسلامي والعالم.
ظاهرة غير مسبوقة لجهة تحول قضية الشعب السوري وثورته إلى قضية عربية بامتياز.
فظاهرة تشكل هيئات شعبية وإغاثية باتت تعد بالمئات لم تشهدها أي ثورة أخرى إلا الثورة الفلسطينية... وهي وقائع، وإن انطوت في بعض جوانبها على بعد مذهبي تستثمره الأنظمة المتصارعة وتدفع في اتجاه تبنيه، إلا أنّ البعد الأهم يبقى في إدراك الشعوب العربية العميق أنّ عدم مناصرة الشعب السوري وثورته كفيل بإطالة عمر الاستبداد في بلدانها.

 


العصر

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع