عبد الله الطنطاوي
تصدير المادة
المشاهدات : 3334
شـــــارك المادة
الإخوان المسلمون شريحة مهمة من المجتمع السوري، اتخذوا الإسلام مرجعية لهم في سائر أحوالهم، في حياتهم السياسية والاقتصادية، والثقافية والفكرية والاجتماعية والأدبية، ففي حياتهم الدعوية، كانت منابر المساجد، وقاعات المحاضرات والندوات والمؤتمرات، والمناسبات الدينية والوطنية، ميادينهم يستثمرونها في الدعوة إلى الله، وشرح مبادئهم وأهدافهم في هذه الحياة، وكانت شعاراتهم وهتافاتهم في المظاهرات والتجمعات:
الله غايتنا – القرآن دستورنا – الرسول زعيمنا – الجهاد سبيلنا – الموت في سبيل الله أسمى أمانينا. فهم رجال دنيا ودعاة دين, هم يحرصون على تحرير أوطانهم وأوطان العرب والمسلمين من ربقة الاستعمار، من أجل الحياة الحرة الكريمة في ظلال الإسلام العظيم. وكانت المعاهد والمدارس والجامعات ساحات فسيحة للعمل الدعوي، وشرح المبادئ والأهداف، وغرس حب الوطن وقيم العروبة والإسلام في نفوس الطلاب. وكانوا يرسلون وفودهم إلى القرى والأرياف. وكل وفد مؤلف من داعية ليخطب في الناس، وطبيب، وممرض، وأدوية، وبعض الهدايا، يعالجون القلوب والعقول، كما يعالجون الأمراض. افتتحوا المدارس والمعاهد في عدد من المحافظات كالمعهد العربي الإسلامي في دمشق وحمص وحلب، وأسسوا الجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء والبائسين وأنشؤوا المدارس الليلية لتدريس العمال، ومحو الأمية، وتخرج فيها عدد كبير، صار بعضهم قضاة ومحامين ومدرسين وأساتذة جامعات. وأقاموا النوادي الرياضية في المدن والبلدات، وشجعوا الرياضة، ونصبوا الخيام في المعسكرات الكشفية وللفتوة والأشبال ودربوهم على القتال، وكانوا مجاهدين في فلسطين والعراق ومصر وسورية، وأسهموا في تحريرها من الاستعمار الفرنسي. ولم يبتعدوا عن السياسة، بل اقتحموها من السنوات الأولى للتأسيس، فشاركوا في الانتخابات البرلمانية، والحكومات الوطنية بعد الاستقلال، وأحجموا عن التعامل مع الانقلابيين، فشجبوا الانقلابات العسكرية، وأبوا المشاركة فيها، رغم الإغراءات والتهديدات. شاركوا في المظاهرات لمناصرة القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، ووقفوا في وجه المشاريع الاستعمارية كمشروع الهلال الخصيب، وحلف بغداد، ومشروع آيزنهاور وسواها من المشاريع، ولم يأبهوا للمؤامرات التي حيكت ضدهم، ومنها محاولة اغتيال قائدهم مصطفى السباعي. ودعوا إلى الحياد الإيجابي بين المعسكرين: الشرقي الشيوعي والغربي الرأسمالي، وعملوا على كسر احتكار الغرب للسلاح، ودعوا إلى شرائه من الاتحاد السوفياتي، رغم العلاقة السيئة مع الشيوعيين السوريين والعرب. وعملوا على إقامة صلات حميمة مع الدول العربية والإسلامية، والأحزاب والجمعيات العربية والإسلامية، فكان شباب الإخوان يلهجون بأسماء: محمد ناصر رئيس وزراء أندونيسيا وعلاء الفاسي الزعيم المغربي، وعبد العزيز الثعالبي، الزعيم التونسي ومفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني وسواهم. القضايا الاجتماعية: وعني الإخوان بالقضايا الاجتماعية فحاربوا الفقر والجهل والمرض والانحلال الخلقي، والفساد الاجتماعي، والتبشير النصراني، ناصروا الفلاحين ودعوا إلى النهوض بالريف، وإلى استصلاح الأراضي البور من أملاك الدولة، وتوزيعها على الفلاحين بلا ثمن، سوى العمل بها وتأهيلها للزراعة، وإلى إيصال الماء والكهرباء إلى القرى، وإلى شق الطرق إليها، ووصلها بالمدينة وإلى أن يكون في كل قرية أو مجموعة قرى مستوصف أو عيادة فيها طبيب وممرض على الأقل. ودعوا إلى إنصاف العمال وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، برفع رواتبهم وتحديد ساعات عملهم، وكانت لجان من الإخوان يزورون العمال في بيوتهم وأماكن عملهم، للوقوف على أحوالهم. وعني الإخوان بالاقتصاد فأنشؤوا بعض الشركات في عدد من المدن كحلب، ودمشق. وعني الإخوان بالصحافة فأصدروا جريدة المنار الدمشقية اليومية، وكان الأستاذان، السباعي وعمر بهاء ا لدين الأميري يكتبان افتتاحياتها النارية. وأصدروا جريدة الشهاب الأسبوعية، ومجلة المسلمون الشهرية، ومجلة حضارة الإسلام الشهرية، وجريدة اللواء اليومية الدمشقية كما استأجروا بعض الصحف والمجلات في حلب واللاذقية وحمص وحماة. وتصدى الإخوان للتحديات التي واجهتهم وخاصة التبشير الذي بدأ أيام الانتداب الفرنسي بإنشاء المدارس التبشيرية، والمستشفيات والمستوصفات التبشيرية والجمعيات والصحف والكتب التبشيرية، كما تصدوا للفكر العلماني، وللفساد الأخلاقي الذي خلفته فرنسا، وعانوا من الجيش الوطني الذي كان من بقايا جيش الشرق الذي شكلته فرنسا من الأقليات، وخاصة من العلوييين، فقد بلغت نسبتهم ثمانين في المئة من المنتسبين إليه.
المصدر: رابطة أدباء الشام
غازي دحمان
ميشيل كيلو
خير الله خير الله
أنور مالك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة