فايز سارة
تصدير المادة
المشاهدات : 4079
شـــــارك المادة
تتصاعد حدة المعارك في حلب عاصمة الشمال السوري بين القوى الأمنية والعسكرية من جهة، وقوى المعارضة وقوات الجيش الحر من جهة أخرى، والهدف من التصعيد، حسم سيطرة واحد من الطرفين على حلب، كأن تقوم قوات الجيش والأمن باستعادتها إلى ما تحت السيطرة وتصفية قوات المعارضة فيها، أو أن تقوم الأخيرة بإخراج قوات الجيش والأمن منها وإعلانها «مدينة محررة».
والحق أن الوضع القائم من حيث حدة معارك حلب ليس جديدا.
فالمعارك هناك تتواصل متصاعدة للشهر الثاني على التوالي، وفكرة الحسم هناك من جانب الطرفين ليست جديدة هي الأخرى، فقد سبق أن تم إعلان السعي إليها مرات من الطرفين، لكن الحقائق على الأرض، لم تتغير تقريبا من حيث توزع أحياء المدينة ومحيطها على الطرفين بنسب متفاوتة وحسب نتائج العمليات العسكرية اليومية التي تحقق تقدما هنا وتراجعا هناك.
ومن الواضح، أن معارك حلب مستمرة في ذات السياق في الفترة القريبة المقبلة، ليس بسبب تجربة وإرث الشهرين الماضيين، وإنما بفعل أسباب عسكرية وسياسية قائمة، ولعل الأبرز في الأسباب العسكرية، التفاوت الكبير في قدرات الدعم اللوجستي وفي ميزان القوى وخاصة لجهة الأسلحة، ذلك أن سلاحي المدفعية والطيران لهما تأثير كبير في سير المعارك الجارية، وأن لم يستطيعا حسم المعركة لصالحهما، فإنهما سيظلان يمنعان حسم المعركة لصالح الطرف الآخر في ظل قدرتهما التدميرية الكبيرة.
والأمر الثاني في الأسباب العسكرية، هو تفاوت في مستوى السيطرة على القوات وتوجيهها من جهة، وفي العمل المركز على أهداف العملية العسكرية، وفي الوقت الذي تحظى فيه القوى العسكرية الرسمية بقيادة واحدة توفر لها سيطرة وضبط وأهداف محددة، يجري العمل من اجلها، فإن الأطراف الأخرى تفتقد الوحدة بسبب تعدديتها التنظيمية بل والسياسية، ويحيط الضباب بهدفها خارج الشعار الكبير وهو «تحرير حلب».
أما الأسباب السياسية التي تؤشر إلى استمرار الوضع في حلب على ما هو عليه في الأفق المنظور، فأبرزها أن الوضع في حلب سوف يحسم في إطار حسم عام في موضوع الأزمة في سوريا وليس بمعزل عنه. وواقع الحال، أن حسم الأزمة في سوريا مؤجل لأن الأزمة صارت أزمة دولية وحسمها صار بيد الأطراف الدولية، التي من الواضح أنها غير متوافقة على حلها وحسمها بالإبقاء على النظام حسبما يرغب أنصاره من الروس إلى الصينيين إلى الإيرانيين أو إسقاطه وتغييره كما يفضل الغرب والعرب وتركيا.
وإذا كانت معارك حلب في معطياتها الراهنة، لن تحسم مصير المدينة وجوارها، فإن السؤال عن جدوى ومحتوى استمرار تلك المعارك، هو سؤال ضروري، بل إن الإجابة عنه، يمكن أن تكشف أو تؤشر إلى جوانب أخرى من مجريات الوضع السوري.
السلطات السورية بمجريات معاركها في حلب، إنما تتابع ذات المسار في محاولة إعادة سيطرتها على المدينة كما كل المناطق المعارضة أو المتمردة، وتصفية القوى المسلحة التي تصفها بالسلفية والإرهابية هناك، وهي إضافة إلى ذلك تقوم بتأديب المدينة التي شقت عصا الطاعة باستخدام القوة العسكرية المفرطة على نحو ما تفعل مع مناطق سورية أخرى لم تشهد وجودا مسلحا معارضا ولا سلفيا جهاديا ولا عصابات إرهابية.
وقوى المعارضة المسلحة بما فيها الجيش السوري الحر تسعى من وراء معارك حلب وتصعيدها إلى تثبيت وجودها، والسيطرة على حلب ومحيطها لتصير قاعدة انطلاق نحو المناطق السورية الأخرى، وهو هدف لا يبدو أنه يأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بصورة جدية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، وثمة تجارب في مناطق سورية أخرى، تستحق التوقف عندها والتدقيق بمجرياتها ونتائجها.
إن معارك حلب تفتح الأبواب على الأسئلة بالنسبة للمعارضة المسلحة وللجيش الحر، لكنها تعطي أجوبة واضحة بالنسبة لقوات السلطة، حيث الأخيرة تمضي بالمعارك إلى غايتها وأهدافها، فيما الغموض يحيط بمعارك المعارضة والجيش الحر هناك.
المصدر: الشرق الوسط
سمير عطا الله
حسين. ع
خالد مصطفى
سلام السعدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة