السوري الثائر
تصدير المادة
المشاهدات : 7563
شـــــارك المادة
بنت قوى المعارضة السياسية السورية الكثير من الآمال على موقف غربي جاد وفاعل في دعم الثورة السورية، ولكن مجرى الأحداث أظهر جلياً وبعد ثمانية عشر شهراً أن الآمال والتمنيات لا تصنع الأمجاد. سقطت الأقنعة عن من يدعي الديمقراطية والنزاهة وحماية حقوق الإنسان، وبات الغرب اليوم مكشوفاً أكثر من أي وقت مضى أمام العالم أجمع، ولم يعد مجدياً البتة التغطي والتلطي بالعبارات الطنانة والرنانة التي تدعي رياءً وصلافةً الوقوف بصف الشعوب وحقوقها في الحرية وتقرير شكل الحكم الذي تريده.
هذه الحقائق معلومة لدى بعض النخب، لكنها أصبحت حقيقية جليةً لدى الجميع، ولن يستطيع الغرب اليوم أن يخدع حتى طفلاً سورياً بترهاته. ولا يخفى على أحد بأن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تمثل القوة العظمى الأبرز في عالم اليوم، وبأنها تعمل جاهدة ًمن أجل الحفاظ على هذه المكانة من خلال السيطرة على مناطق النفوذ ومناطق تواجد الموارد الطبيعية ومنابع النفط وذلك من خلال إنشاء تحالف مع السياسيين والحكام في تلك المناطق، كذلك لا يخفى على أحد أن زرع الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط يؤمن لها الحفاظ على تحالفاتها وبالتالي سيطرتها على موارد تلك المنطقة. ولكن لماذا لم تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن للقضاء على أحد أعضاء محور الشر والذي يشكل الحلقة الوسطى فيه مما يشكل إغراء لفرط عقد هذا المحور "الشرير" بنظرهم وتحطيم هذا النظام "الممانع" لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة؟ الجواب على هذا التساؤل المشروع يكمن في ثلاث نقاط: - إن هذا النظام "الممانع" هو عبارة عن حشرة مزعجة لا غير ولكنها مفيدة لأنها تقتات على البكتريا والفطور الضارة التي ممكن أن تكون أكثر خطرا وممانعة لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، ولذلك لم ترفع في السابق شعار تحطيم وإنهاء هذا النظام، بل كانت تنادي "بتغيير سلوك النظام" لكي يصبح أكثر انبطاحاً وليونة، أسوةً بجيرانه وزملائه. - إن التدخل لإنهاء الأزمة السورية بسرعة يعني بالضرورة خروج السوريين معافين من جميع النواحي: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والحفاظ على النسيج الاجتماعي الوطني، والحفاظ على بنى الدولة وأجهزتها ....الخ، وهذا يعني بأن سوريا سوف تتعافى بسرعة وتصبح أقوى مما كانت عليه، وهو أمر غير سار نهائياً لربيبتها المزروعة في أرض تلفظها يوماً بعد يوم. - النقطة الثالثة تتمثل بإعادة رسم السياسات الخارجية في منطقة الشرق الأوسط بعد الزلزال المفاجئ لجميع القوى السياسية الفاعلة في العالم المعاصر، وهذا الزلزال يتمثل بالربيع العربي الذي بات يهدد مصالح تلك القوى بشكل أو بآخر ولم يعد من المقبول اليوم السماح لهذا الربيع بالتقدم أكثر من ذلك لأنه بات يقترب شيئا فشيئا من خطوط حمراء تهدد مصالح تلك القوى ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا يبرز الاختلاف في طريقة رسم هذه السياسات بين الحزب الجمهوري الذي يمثله اليوم السيناتور ميت رومني والحزب الديمقراطي الذي يمثله الرئيس الأمريكي الحالي بارك أوباما. إن كلا الحزبين متفقين في الخطوط العريضة العامة للسياسة الخارجية الأمريكية، ولكنهما يختلفان بالأسلوب. لذلك علينا معرفة أسلوب كلا المرشحين في قيادة الملفات الخارجية ورسم السياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يمكن تحديده من خلال ممارسات الإدارة الأمريكية الحالية، أيضاً من خلال تصريحات المرشح الجمهوري وسياسات حزبه السابقة تجاه الملفات الخارجية. - لقد بنى الرئيس بارك أوباما المرشح الديمقراطي، سياسات بلاده الخارجية على أساس مبدأ "القيادة من الخلف" وقد تعاطى بهذه السياسية مع الكثير من الملفات في منطقة الشرق الأوسط ومنها الثورة الليبية، وقد يختلف الكثير من المحللين في تقييم نتائج ونجاعة هذه السياسة في تقوية مركز الولايات المتحدة الأمريكية وتعزيز مكانتها في العالم. - تقوم سياسة المرشح الجمهوري السيناتور ميت رومني على المجابهة والمواجهة مع استحقاقات الملفات الخارجية التي تواجه بلاده، وقد أطلق أكثر من تصريح من خلال حملته الانتخابية يفيد بذلك، وانتقد سياسة خصمه الخارجية والتي تخص قضايا منطقة الشرق الأوسط وقضية التعامل مع الخصم الروسي والصيني والتنافس على موارد العالم، ولا يخفى على أحد بأن تاريخ الحزب الجمهوري حافل بمثل هذه المواجهات، ولا ننسى حربي الخليج في القرن الماضي والحالي بقيادة الجمهوريين. وعليه فإن سياسة أوباما في المنطقة تتجنب التدخل المباشر وتفضل القيادة من الخلف من أجل التقليل من أية خسائر سياسية أو اقتصادية قد تنجم عن التدخل المباشر، حيث تضع نصب أعينها مثال العراق الذي أدى إلى نتائج سلبية جداً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ولكن أي المرشحين يمكن أن يكون له دور مستقبلي في التأثير على مجريات الأحداث في سوريا، وأي المرشحين سيشكل فوزه مصلحة مباشرة لسوريا المستقبل؟ إن الثورة السورية الآن ليست بحاجة للتدخل العسكري الخارجي المباشر، بل هي بحاجة لدعم عسكري نوعي وغطاء جوي يؤمن السيطرة والتقدم وتحقيق النقاط على الأرض مع القدرة على الحفاظ على المكتسبات الميدانية. وهذا ما تخطط له السياسة الخارجية الأمريكية الحالية، وما ستقوم به عند إحراز النصر في الانتخابات الرئاسية القادمة. ولكن الثورة السورية مستمرة سواء بدعم أو بغيره لأنها معتمدة على الله وعلى إمكانياتها الذاتية، وهذا ما أثبتته الأيام الماضية وما ستثبته الانتصارات القادمة بإذن الله.
فيصل القاسم
مجاهد مأمون ديرانية
محمد الجوادي
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة