الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 2904
شـــــارك المادة
بالنسبة لآلاف المحتجين الذين يتظاهرون في شوارع سوريا ضد الرئيس بشار الأسد، فإن الخوف يستبد بهم من أن تخطفهم أيد خفية من بين الحشود. وهو ما يعني أنهم وقعوا في قبضة عنصر أمن بملابس مدنية اندس بين الحشود، في إشارة إلى بداية رحلة ربما تنطوي على الاعتقال والضرب وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين، مع الشتائم كنوع من العقاب لأنه تجرأ على الاحتجاج وعلى التظاهر ضد 11 عاما من حكم الأسد. وحظرت سوريا أغلب وسائل الإعلام الدولية منذ بدء الاحتجاجات قبل شهرين، مما يجعل من الصعب التحقق من الروايات عن العنف خلال الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية والمستوحاة من انتفاضات أخرى في العالم العربي. وفي تقرير لوكالة «رويترز»، قالت إنها تحدثت مع ثلاثة أشخاص شاركوا في الاحتجاجات في دمشق، وسردوا روايات مفصلة عن القمع على أيدي القوى الأمنية السورية عندما كانوا رهن الاعتقال. وقال أحد الذين تمت معاملتهم بشكل قاس جدا، للوكالة، إنه اضطر أن يقسم على أنه سيبقي سرا تفاصيل معاملته خلال الاحتجاز. وذكرت «رويترز» أنها لم تذكر أسماء هؤلاء الأشخاص وتفاصيل أخرى عن مكان احتجازهم والمظاهرات التي شاركوا فيها بسبب الخوف من التعرف عليهم. وعلى الرغم من أن شهادتهم لا يمكن التأكد منها بشكل مستقل، فإنها متشابهة مع الشهادات التي قامت منظمات حقوقية منها منظمة «هيومان رايتس ووتش» بتوثيقها. وكان مراسل «رويترز» الذي اعتقل في سوريا في مارس الماضي، قد شهد حالات تعذيب، من بينها رجال كانوا يتلقون صعقات من الكهرباء وتم تعليقهم من أرجلهم وتم ربط أعضائهم بأسلاك بلاستيكية. ورفض مسؤول في الإعلام السوري التعقيب على أقوال الشهود. وبشكل عام فإن السلطات السورية لا تعلق على الوسائل التي تتبعها من أجل قمع المعارضة. وتقول السلطات السورية إنها تحافظ على النظام في وجه ثورة يقوم بها إسلاميون متشددون. وأجمع الرجال الثلاثة على أنهم تعرضوا للضرب بالعصي والهراوات، وجرتهم القوى الأمنية بعيدا عن موقع الاحتجاجات التي انضموا إليها. وقال شاب عمره 22 عاما، احتجز لأكثر من ثلاثة أسابيع «عندما وصلنا فورا وضعوا القيود في أيدينا وأغمضوا أعيننا، وطبعا استقبلونا بالضرب، وكان هناك حفل استقبال لنا قبل أن يحققوا معنا وقبل كل شيء، أي أنهم ألقوا بنا أرضا وكان عناصر الأمن يقفون على ظهورنا ويتم عمل وثب عليها.. ويقفز على ظهورنا في حدود خمسة إلى ستة عناصر هكذا.. يقفز واحد وينتهي دوره ويأتي الذي يليه أي بالتناوب». كما قال إنه تعرض للصعق بالكهرباء عند حلمتي ثدييه والرسغين والمرفقين والركبتين والكاحلين لرفضه الكشف عن أسماء أصدقاء له شاركوا في المظاهرة. وأضاف «أول ستة أيام لم يأخذوني إلى الزنزانة. بقيت في الممر مغمض العينين ومقيد اليدين وممنوعا من النوم. وكنا نشرب الماء كل يومين، وكان لكل منا 30 ثانية في الحمام، في حال تأخرت أكثر من 30 ثانية يعاقب الواحد على الدولاب». لقد خسر الإحساس بركبتيه وساقيه بعد الجلوس القرفصاء لفترة طويلة وطلب مقابلة طبيب السجن. وأضاف «أخذوني عند طبيب السجن الذي سألني لماذا لا تستطيع أن تمشي؟ قلت له إن ركبتيّ تجمع الدم فيهما ولا أستطيع أن أحركهما. فراح يركلني عليهما برجليه وقال لي هل هكذا أفضل.. وصفعني على وجهي». وكان الرجل اعتقل في مارس الماضي عندما لم تكن الاضطرابات قد توسعت إلى مناطق كثيرة من البلاد بعد. وبعد ليلة واحدة عقب توسع الاحتجاجات إلى أماكن أخرى «كان الضرب مستمرا طول الليل، حتى إنه طلب مني أن أقف وأدخل العصا في مؤخرتي». وبخلاف التعذيب الجسدي فإن قوات الأمن تستخدم الطرق التي تنال من نفسية السجناء. وقال رجل إنه طوال فترة اعتقاله كانت القوات الأمنية توحي بأنهم سيصبحون خارج الزنزانة قريبا، لكنها تعود عن ذلك. وقال «الطريقة التي كانوا يفتحون بها ويغلقون الباب كانت طريقة مخيفة. أنت تستيقظ بفزع عندما تسمع صوتا تعتقد أنه طلقات نارية». وأضاف الشاهد البالغ من العمر 23 عاما ويعيش في دمشق «أنا كنت بين التفكير أننا سنخرج من هنا بعد ساعتين أو أن يقتلونا في هذه الزنزانة». في حين شملت عمليات الاستجواب أسئلة حول لماذا شاركوا في الاحتجاجات، وكيف كانوا يعرفون بها، وأسئلة أخرى بدا أن هدفها هو تعزيز رواية السلطات بان الاضطرابات تغذيها مؤامرة خارجية بواسطة الإسلاميين وقوى خارجية. وقال «سألوني هل أنا عضو في حزب البعث»، في إشارة إلى الحزب العلماني التي يتولى السلطة في البلاد رسميا منذ عام 1963. وسألوا «هل أنا مسلم.. هل أطبق تعاليم الإسلام». وأضاف لـ«رويترز»: «غرض هذا السؤال هو معرفة ما إذا كنت تدعم جماعة الإخوان المسلمين، أم لا. كانوا يحققون في ملابسك، في لحيتك، والطريقة التي تتكلم بها وإذا قلت إنك تطبق تعاليم الإسلام فإن هذه تكون نقطة ضدك». وقال رجل ثالث إنه تم سحبه بعيدا عن احتجاج حيث كان المتظاهرون يرددون النشيد الوطني ويحملون لافتات كتب عليها «إنهاء الحصار في درعا»، وقال «شعرنا بالخوف.. لا نعرف إلى أين ذاهبون، لا نعرف إذا كنا سنخرج، لا نعرف إذا العالم يعرف عنك شيئا.. كانوا يهددون بأنك لن تخرج ولن ترى الشمس مرة أخرى». وقال إن قوات الأمن كانت على وجه التحديد أكثر وحشية مع سجناء كبار السن أو أولئك الذين يعانون من ظروف طبية. وأضاف «أجبرونا أن نقف عراة في بعض الأحيان.. وكان هناك ضرب غير ممنهج.. حبسونا في غرفة صغيرة، كنا 27 شخصا في غرفة لا تتعدى مترين أو ثلاثة أمتار». وقال الشخص الذي اعتقل في وقت سابق هذا الشهر «شعرنا في هذه الغرفة بأن تعليمات الأمن ألا تقتلوا أحدا، ولكن إذا قمتم بذلك فلا مشكلة». وقال الرجل إنه ليست هناك طريقة لاحتواء الأسد كما كان من قبل، وتوقع أن تتصاعد الحركة الجماهيرية ضده. وقال أحد الرجال «تعرضت لأسوأ شيء وبعد ذلك فإن أي شيء يأتي لن يكون أسوأ. حاجز خوفي انكسر.. لا يهمني أي شيء آخر».
ريان محمد
الجزيرة نت
الاتحاد برس
السبيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة