جورج سولاج
تصدير المادة
المشاهدات : 8547
شـــــارك المادة
لم تكُن الطائرة التركية التي أسقطتها سوريا، المقاتلة الأولى التي تسلك مساراً يلامس حدودها الجوية، ولم يكُن إسقاطها خطأ تقنياً ولا حادثاً عفوياً يمكن تفادي تداعياته أو تجاوز حساباته. فما الذي حصل تماماً؟
في 21 حزيران الجاري، حصل انشقاق نوعي في سلاح الجوّ السوري، إذ تمكّن الطيّار حسن مرعي الحمادة من الفرار بمقاتلة "ميغ 21" إلى الأردن، في عملية مخابراتية معقّدة يستحيل لفرد تنفيذها بلا تدبير وتنسيق مع أجهزة غربية وإقليمية لأسباب تقنية ولوجستية.
ولم يكُن سهلاً على القيادة السورية أن تمتصّ هذه الضربة لرمزيّتها، إذ إنّ المخابرات الجوّية في سوريا تعتبر أقوى الأجهزة الاستخباراتية والأمنية وهي موصوفة بأنّها ذراع حديدية للنظام لا تُخرق، وبالتالي أصبحت عواصم القرار الدولي ووسائل إعلامها تركّز على هذا الحدث معتبرة أنّه يشكّل مدخلاً إلى توسّع الانشقاقات في صفوف الجيش السوري.
من هنا، قرّرت القيادة السورية توجيه ضربة محدّدة سريعاً في إطار الحرب المخابراتية الدائرة مع دول الجوار من شأنها:
1 - نقل الحدث تلقائياً إلى مكان آخر بحدث لا يقلّ أهمية وخطورة عن اختراق سلاح الجو السوري.
2 - إعادة الاعتبار إلى سلاح الجوّ ورفع معنويات القوّات المسلحة بعد تزايد الحديث عن نوعية في الانشقاقات ووجود ضبّاط من المخابرات المركزية الأميركية (CIA) على الأراضي التركية للإشراف على توزيع السلاح المتطوّر على الجيش السوري الحرّ.
وبما أنّ هناك طائرات استطلاع تركية تحلّق على مقربة من الحدود في طلعات دورية ويخرق بعضها المجال الجوي السوري بين الحين والآخر، جاء قرار التصدّي لطائرة الـ"أف- 4" وإسقاطها، خصوصاً أنّ دمشق تُدرك جيّداً أنّ أنقرة لن تدخل بسهولة في حرب معها، إلّا إذا قرّرت الولايات المتحدة المشاركة فيها، كما تعي أنّه ليس في الأجندة الأميركية في هذه المرحلة أيّ مشروع تدخُّل عسكري ضدّ سوريا، وبالتالي لن يؤدّي عمل بمستوى إسقاط طائرة تركية إلى تغيير في الأجندة، وإنْ كان يستدعي ردّاً عسكرياً تقليدياً.
وتستند دمشق في تقويمها هذا إلى المناوشات التي حصلت على الحدود بين القوّات التركية والسورية في نيسان الماضي، ولم تؤدِّ إلى توسّع المواجهات عسكريّاً ولا إلى تدخُّل قوّات حلف شمال الأطلسي دعماً لأحد أعضائه.
وعلى رغم أنّ سوريا ليست في وارد خوض صراع عسكري مع تركيا في الوقت الذي تكافح لإخماد النيران المندلعة داخل البلاد، إلّا أنّ إسقاط طائرة تركية ينطوي على مخاطر كبيرة من شأنها تأجيج الوضع في المنطقة.
وقد سارعت دمشق إلى محاولة احتواء الموقف من خلال الإعلان عن أسفها للحادث وتبريره والمبادرة إلى التعاون في البحث عن الطيارين في المياه السورية، غير أنّ الأمر بالنسبة إلى تركيا مختلف تماماً، إذ إنّها من يقرّر إلى أيّ مدى تريد أن يذهب هذا الصراع، وقد أبلغ مسؤولون أتراك نظراءهم الأميركيين "أنّ الخطأ الذي ارتكبه النظام السوري يستحقّ التدخُّل العسكري".
الأنظار تتّجه اليوم إلى اجتماع الناتو واحتمالات "انتقام" الحلف، وسط سؤال هل تسرّعت القيادة السورية واعتقدت في لحظة معيّنة أنّ الحلّ الأمثل هو الهروب نحو حرب إقليمية وتفجير الموقف كلّه على قاعدة "عليّ وعلى أعدائي"؟
لن يمرّ وقت طويل حتى يتبيّن إلى أيّ مدى أصاب السوريون أو أخطأوا.
المصدر : الجمهورية اللبنانية
جهاد الزين
أسامة الملوحي
أبو طلحة الحولي
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة