..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سوريا... شهود الزور!

مركز التأصيل للدراسات والبحوث

١١ مايو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6584

سوريا... شهود الزور!
16.jpeg

شـــــارك المادة

لا شك أننا وصلنا اليوم في سوريا إلى مرحلة المساومات الضمنية غير المكتوبة، فالغرب الآن وإن لم ينطق بما يريد يتعامل مع الثوار بمنطق (استنزاف القوى، ومن ثم القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات معه)، ففي الوقت الذي يعي فيه الغرب أن بشار قد انتهى فعلياً، يدرك في الوقت ذاته أن الثوار السوريين، لن يرضخوا لترتيباته ومخططاته، ولن ينضوا تحت رايته بسهولة، لذا فإنه يتدخل بقدر بسيط، بحيث لا يخسر الثوار، ومن جانب آخر فإنه لا يدعمهم الدعم الكافي لاسترداد سوريا المسلوبة بسرعة ودون خسائر كبيرة.

 


فالغرب حريص كل الحرص على بقاء الولاء السوري -الذي يمارسه بشار- للحفاظ على مصالحه، وحريص أكثر على الحفاظ على الأمن الإسرائيلي الذي كفله بشار ومن قبل أبيه طيلة ما يزيد عن أربعين عاماً، ففي حين نرى الصوت العالي والتعاطف الأمريكي الذي لا يخرج عن حيز الصراخ والتصريحات، نرى على الجانب الآخر قوافل الأسلحة تتجه نحو بشار وجنده من كل فج ومصر دعماً له، لذا ففي الحالين اللاعب الأساسي في هذه المعركة هو الغرب (كمعتدي)، فتصريحات أمريكا المتعاطفة مع الثوار تتصدر صحف العالم، وآلة القتل الروسية والصينية تعمل بلا هوادة في قتل الشعب والثوار على أرض الواقع.
وعليه فالخيارات الغربية لسوريا: إما بقاء نظام الأسد، وهو الأمر المستبعد والمرفوض من كل الأطراف، وإما رحيله وتسليمه سوريا لنظام ضعيف موالٍ للغرب، وهو المأمول (والمرجو من قِبل الغرب)، وإما الثالثة وهي الأصعب عليهم، وهي انتصار الثوار، لكن في هذه الحالة ستكون سورية كومة من الحجارة والدماء، لا نفس فيها ولا حياة.
والأحداث تثبت لنا يوماً بعد يوم صدق هذا الزعم، فبعد فشل الغرب في تصوير ثوار سوريا على أنهم مجموعة من المتمردين المسلحين، ذهب ليقول أن الثوار مختلفون، وأنه لا توافق بينهم، وأننا لن ندعمهم إلا إذا توافقوا وجلسوا على طاولة واحدة، وبعد فشل هذه المناورة أيضاً اتجهوا إلى عنان لحرق المزيد من الوقت، ولإطالة رحى العنف الدائرة على الشعب، وذهب الجميع ليعلق الآمال على خطة عنان المزعومة، لنخرج من خطة إلى خطة ومن مؤتمر لآخر، والخاسر الوحيد هم السوريون.
جاء عنان بخطته المخيبة للآمال ليعلن أن خطته هي الفرصة الأخيرة لمنع وقوع الحرب الأهلية في سورية، (وكأنه بشار تزيّ بزي عنان)، فمن قال إن ما يحدث في سوريا حرب أهلية؟ ومن قال إن الحرب الدائرة اليوم على الشعب السوري هي صراع بين الشعب بعضه وبعض؟
إن عنان بهذا التفكير يعيدنا جميعاً للمربع صفر، وكأنه يقول يا دماء السوريين لا ثمن لكم، ويا شعب سوريا موتوا بحنقكم وغيظكم، لن ننتصر لكم، ولن نقف مع قضيتكم، حيث جاء تقرير عنان الذي أصدره مؤخراً ليساوي بين الضحية والجلاد، الضحية التي عاشت ويلات القمع والاستبداد على مدى عقود، والتي لا تملك ما تدافع به عن نفسها، وبين الجلاد الذي يُسخِّر كل إمكانات دولته لقمع ثورة هذا الشعب، ساوى عنان بين الضحية التي لولا حرب (الإبادة) الموجه إليها ما لجئت إلى السلاح، وبين الجلاد التي يتمترس بكل أنواع الأسلحة والذي يطلق شبيحته وأفراد طائفته والمرتزقة من دول الجوار (إيران ولبنان) لقتل الشعب السوري، وإبادة كل صوت معارض فيه.
وأدل دليل على أن عنان ومراقبيه ما أرادوا الحل وما أرادوا دعم المقاومة، وما أرادوا على أقل التقديرات كشف حقيقة ما يحدث في سوريا، ما نراه من جرائم على أرض الواقع، فبالرغم من وجود المراقبين في سوريا إلا أن القتل والقمع ما يزال على أشده، ثم إن النتيجة التي خرج بها عنان باستدعاء الحرب الأهلية وما جاء على لسان كبير المراقبين تثبت هذا الرأي، حيث ذهب كبير المراقبين إلى أنه "ربما الوقت قد حان للحلول السياسية" قائلاً: "العنف لا يولِّد إلا العنف"، وهو الأمر الذي يعيدنا إلى فكرة عدم المحاسبة والتفريط في دم من قُتلوا، والاكتفاء ببعض الحلول السياسية لإغراء النخبة والرضا بالأمر الواقع. ويزيد فكرتنا تأكيدنا ما صرح به قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد من أن عمليات القتل والاعتقال والقصف ما تزال مستمرة رغم وجود المراقبين، مشيراً إلى أنهم قد تحوّلوا إلى شهود زور.
وبالنظر إلى بنود الخطة التي يسعى إليها عنان، وتصريحاته الآن يتضح مدى المؤامرة التي تتعرض لها سوريا، حيث الوعود والتصريحات التي لا صدى لها على أرض الواقع إلا القمع والقنص والتعذيب، تقول بنود الخطة:
(1) الالتزام بالتعاون مع المبعوث في عملية سياسية تشمل كل الأطياف السورية لتلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري وتهدئة مخاوفه، ومن أجل هذا الغرض الالتزام بتعيين وسيط له سلطات عندما يطلب المبعوث ذلك.
(2) الالتزام بوقف القتال، والتوصل بشكل عاجل إلى وقف فعال للعنف المسلح بكل أشكاله من كل الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة، لحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار في البلاد. ولتحقيق هذه الغاية على الحكومة السورية أن توقف على الفور تحركات القوات نحو التجمعات السكنية، وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة داخلها وبدء سحب التركزات العسكرية داخل وحول التجمعات السكنية. ومع اتخاذ هذه الإجراءات على الأرض على الحكومة السورية أن تتعاون مع المبعوث للتوصل إلى وقف دائم للعنف المسلح بكل أشكاله من كل الأطراف مع وجود آلية إشراف فعالة للأمم المتحدة. وسيسعى المبعوث إلى التزامات مماثلة من المعارضة وكل العناصر المعنية لوقف القتال والتعاون معه للتوصل إلى وقف دائم للعنف المسلح بكل أشكاله ومن كل الأطراف مع وجود آلية إشراف فعالة للأمم المتحدة.
(3) ضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت الملائم لكل المناطق المتضررة من القتال، ولتحقيق هذه الغاية وكخطوات فورية قبول وتنفيذ وقف يومي للقتال لأسباب إنسانية وتنسيق التوقيتات المحددة وطرق الوقف اليومي للقتال من خلال آلية فعالة بما في ذلك على المستوى المحلي.
(4) تكثيف وتيرة وحجم الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفياً، وبوجه خاص الفئات الضعيفة والشخصيات التي شاركت في أنشطة سياسية سلمية، والتقديم الفوري دون تأخير عبر القنوات الملائمة القائمة بكل الأماكن التي يجري فيها احتجاز هؤلاء الأشخاص، والبدء الفوري في تنظيم عملية الوصول إلى تلك المواقع، والرد عبر القنوات الملائمة على الفور على كل الطلبات المكتوبة للحصول على معلومات عنها أو السماح بدخولها أو الإفراج عن هؤلاء الأشخاص.
(5) ضمان حرية حركة الصحفيين في أنحاء البلاد، وانتهاج سياسة لا تنطوي على التمييز بينهم فيما يتعلق بمنح تأشيرات الدخول.
(6) احترام حرية التجمع وحق التظاهر سلمياً كما يكفل القانون.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع