..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الانتخابات السورية... الأزمة تزداد تعقيداً

عريب الرنتاوي

٨ مايو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6762

الانتخابات السورية... الأزمة تزداد تعقيداً
3.jpeg

شـــــارك المادة

في سوريا، لا أحد معنيٌ بالانتخابات النيابية بذاتها... الأنظار هناك تتجه صوب شيء آخر... نسبة الإقبال على الانتخابات... هل المشاركة طوعية أم إلزامية تحت الضغط والتهديد وسيف الخوف... هل جرت في مختلف المناطق السورية، خصوصاً المناطق الأكثر اشتعالاً (حمص، حماة، إدلب دير الزور والأرياف).... الوضع الأمني في يوم الاقتراع.... القوى المشاركة في الانتخابات، خصوصاً بعد أن أعلنت مختلف فصائل معارضة الداخل والخارج وتنسيقيات الثورة مقاطعتها للانتخابات... حصاد الأحزاب الكرتونية التي سُجّلت مؤخراً... خريطة الطريق الالتفافي التي شقها "الحزب القائد للدولة والمجتمع" للقفز على تعديل المادة 8 من الدستور القديم.... إلى غير ما هنالك من مفارقات في الزمن السوري العجيب والمؤلم.

 


هي انتخابات شكلية لا أكثر ولا أقل... تعمّق أزمة النظام بدل أن توفر مخرجاً لسوريا... انتخابات تنهض كشاهد على إفلاس ما يسمى "المشروع الإصلاحي للرئيس"، وبؤس الخيار الأمني والعسكري للنظام.... هي انتخابات تؤكد "حالة الإنكار" التي تعيشها الحلقة الأضيق للسلطة السياسية والأمنية المتحكمة برقاب البلاد والعباد في سوريا... والمؤكد أن الثامن من أيار، لن يختلف عن السادس منه، وأن يوميّات الأزمة السورية، لن تتأثر بهذه المسرحية العابثة والمُملة.
كيف يمكن للانتخابات أن تكون تعبيراً عن مختلف ألوان الطيف السياسي والتعددية السورية، وقد قاطعتها مختلف القوى السياسية والاجتماعية -اللهم إلا إذا اعتبرنا قدري جميل ممثلاً شرعياً للمعارضة-.... كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما مناطق شاسعة من سوريا، ما زالت تعيش تحت سيف الطوارئ والأحكام العسكرية... كيف يمكن لانتخابات أن تعقد فيما مئات آلاف السوريين موزعين على المنافي الداخلية والخارجية وخلف القضبان وغياهب الفقد والمجهول... كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما القوانين السارية ما زالت تُجرّم بالإعدام، كل من ينتمي إلى جماعة الإخوان... كيف يمكن للانتخابات أن تجري فيما النظام ما زال مُصرّاً على نفي وجود المعارضة، أو وصفها بالعصابات الإجرامية والإرهابية، من دون تمييز بين معارضة وأخرى؟... أسئلة وتساؤلات، لم يجد النظام والناطقون باسمه والمصفقون له في كل محفل، من حاجة للتفكير بها أو الإجابة على أيٍ منها.
كان يمكن للانتخابات أن تكون بداية خروج من المأزق لو أنها استبقت بأربع خطوات رئيسة:
أولاً: وقف جميع العمليات الحربية، والتمييز بين ما هو تهديد أمني/إرهابي من جهة، ونشاط سلمي لمختلف قوى المعارضة والحراكات والتنسيقيات الشبابية من جهة ثانية، وتطبيع الحياة العامة في البلاد، فوراً ومن دون إبطاء.
ثانياً: الإفراج عن كافة المعتقلين والسجناء، وتشكيل لجان تحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت منذ اندلاع الانتفاضة، والسماح بعودة المهجرين والمشردين والمنفيين، سواء الذين غادروا سوريا مؤخراً، أو الذي سبق لهم وأن غادروها قبل أزيد من ثلاثة عقود، وإلغاء كافة القوانين التي تجرّم المعارضة والانتماء للأحزاب السياسية كافة.
ثالثاً: الإعلان عن حل مجلس الشعب وإقالة الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تضم مختلف أطياف المعارضات، تنظيم انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، ورزمة مؤقتة من القوانين الناظمة للعمل الوطني العام وتشرف بشكل خاص على وضع قانون انتخاب توافقي ومؤقت.
رابعاً: تحديد جدول زمني قريب، لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية "مبكرة"، تؤسس لتداول سلمي للسلطة، وتحفظ قواعد التعددية وحرية الرأي والتعبير والتنظيم، من دون إقصاء لأحد، وتحت إشراف عربي ودولي مناسب.
لو فعلها النظام، لكانت أنظار العالم تتجه الآن إلى ما تحتويه صناديق الاقتراع في سوريا، ولأصبحت الانتخابات استحقاقاً جوهرياً في تاريخ سوريا المعاصر، وتتويجاً لطي صفحة الأزمة والاحتراب وشلال الدم الجاري في مختلف أرجاء البلاد... لكن النظام الذي لم يقبل بخطوات أقل من هذه، ما كان منتظراً منه، أن يقبل بما ذهبنا إليه.
يوم آخر مضى من أيام الأزمة السورية المفتوحة على شتى الاحتمالات، ولن يكون له ما بعده، لأن لا شيء قبله يشي بتغيير في عقلية النظام وسلوكه... وللأزمة صلة.

المصدر: الدستور 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع