..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


سوريا المعاصرة

العلاقة بين علماء السلطان و طغاة النظام في الشام (3)

محمد حمادة

٣١ مارس ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4374

العلاقة بين علماء السلطان و طغاة النظام في الشام (3)
-الأسد-يتلقى-سيف-من-وفد-علماء-المسلمين-بينهم-البوطي-550x375.jpg

شـــــارك المادة

بسم الله, الحمد لله, والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه و سلم-:
أما بعد فإن بدهية انحراف النظام الجاسم على صدور أهالي الشام, وإعلان حربه على الإسلام لا تحتاج إلى كثير نظر استدلال, وهي أوضح دلالة من نار على علم, اللهم إلا إذا كانت العين تنكر ضوء الشمس من رمد!

 

فحينئذ قد يرد الخلط بسبب مرض في الباصرة, وقد يكذب الإنسان الخبر عن جهل, أو قد يجادل ويماحق على طريقة مشركي مكة وسائر الطغاة المستكبرين, لا لأن الأمر كذلك, بل لأن صاحب المناورة هذا لا يريد أن يقر بالحقيقة, ولا يبحث عنها لعلة ما يكشفها الباري عز وجل في يوم قريب أو بعيد!                   
إن تأسيس جبهة في الشام يرعاها النظام من فريقي العلماء وأدعياء العلم على السواء, يجلس أفرادها على طاولة واحدة, يؤدون طقوسا واحدة, يسعون إلى غرض واحد هو الدفاع عن جرائم هذا النظام, وتثبيط عزائم الشباب عن الالتحاق بركب الثورة.
إن تأسيس هذه الجبهة المشبوهة في جانب, و المغلوب بعض أبنائها في جانب آخر لا يعني أنهم بالضرورة على حق, كما لا يلزم معه أن غيرهم على باطل, لأن النظام هو النظام في جبروته ودمويته و إرهابه فلا يجمله (ماكياج) نفاق أهل الأرض جميعا, لأن الباطل لا يستحيل إلى حق بتدخل المزينين في قبح وجهه كما لا تستحيل العجوز الشمطاء إلى شابة جميلة بدخولها إلى أرقى مراكز التجميل العالمية, فكيف إذا أضافت إلى قبح وجهها سيرة خبيثة فاسدة هي أشد تشوها من وجهها القبيح؟
كما أن الباطل لا يستحيل إلى حق بتلاعب بعض الرجال الموظفين لتحسين صورته. قال الإمام الشاطبي: " يقاس الرجال بالحق, ولا يقاس الحق بالرجال"
إن ميزان الحق هو الشريعة وضوابطها وليس رجالا اشتراهم أو هددهم أو ضحك على لحاهم النظام.
ذلك أن لتنكب الناس عن الحق أسبابا متعددة, لكنها تؤدي في النتيجة إلى صورة واحدة عند أصحابها هي انحرافهم عن جادة الحق, وانحيازهم إلى ضلال الباطل, وهو ما يترتب عليه الجزاء الدنيوي و الأخروي, وذلك من أدق مقاييس العدالة الإلهية, وهو أن الله -عز وجل- لا يستحي من الحق, وأنه يثيب أهله, ويعاقب مناوئيه, وأن سلطانه على الوجود مبسوط, لا راد لقضائه, لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إن المنزلقات التي قد تقف وراء انحدار أصحابها إلى مستنقعات الضلال والتيه ليست على هيئة واحدة لكنها على صور, لأن المعاند إما أن يفعل ذلك ابتغاء عصبية عمياء لا غير, رافضا الخروج من قوقعتها, بعد أن صارت جزء من شخصيته وموروثاته الثقافية!
إن من كان منتميا لهذه الشريحة الثقافية المتعصبة من العلماء ليس بالضرورة أن تعود عليه فائدة دنيوية لكنه متقوقع في مستنقعات قول موروث عن العوام رباه عليه أبوه و جده:
(كل من تزوج أمي فهو عمي) متجاهلا أو جاهلا بأن الكافر لا يجوز له أن يتزوج أمي ولو أنه فعل ذلك فلن يحمل شرف عمي أبدا, ولن أنتسب إليه يوما, ومصير هذا العقد هو التفريق بين المعتدي والمعتدى عليه, وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: (إلا أن تروا كفرا بواحا لكم فيه من الله برهان)
إن هذا الصنف من البشر لا يفعل شيئا سوى أن يغمض عينيه عن الحق مكبلا نفسه بأغلال التقليد الأعمى, لذا فهو عبد لموروثاته المتعفنة التي ما أنزل الله بها من سلطان, لا يستطيع عن مساره خروجا!
وفي هؤلاء يقول الباري -عز وجل- في سورة البقرة: "و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون" الآية 170.
أو أن المعاند يجحد الحق  بسبب مرض الكبر والاستعلاء مما يجعله في جادة الصنف السابق ويمنعه من الانقياد لركب الحق وأهله!
وعن هذا الصنف الفاسد يحدثنا البيان الإلهي حين يقول: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا"
فواقع الحال أنهم جحدوا بآيات الله, و علة الجحود الظلم والعلو, لذلك وقعت لفظة "ظلما"
في إعرابها مفعولا لأجله,أما في قرارة أنفسهم فقد أيقنوا بصدق آيات الله تعالى, لهذا وقعت الجملة السابقة في قوله تعالى: "واستيقنتها أنفسهم" جملة اعتراضية تبين جحودهم وعلة ذلك الجحود.
وإما أن يقع رفضهم للحق من باب المصالح الدنيوية التي ألحقتهم بالباطل بحيث صاروا له في التبعية كالذيل من جسد الدابة, فهو يسير معه حيث يسير, وينحرف حيث انحرف, يلوح به صاحبه في وجوه الآخرين كيف يشاء يمنة و يسرة دون أن يملك الذنب انفكاكا أو اعتراضا أو حرية في الاختيار, لأنه ذليل حقير منقاد اختار لنفسه هذا الطريق, و من ثم صار عاجزا كل العجز عن الرجوع عنه فضلا عن تبديل المسار, وهو بهذا لم يفقد فرصة الرجوع إلى الحق فحسب, وإنما فقد كذلك القيمة الإنسانية والاجتماعية بين خلق الله جميعا, فخسر الدين والدنيا معا, فهو عند الله تافه لا قيمة له.
ومع الحلقة الرابعة بإذنه تعالى.

      

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع