..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مؤامرة كونية بعنوان كوفي عنان

سلوى الوفائي

١٧ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3094

مؤامرة كونية بعنوان كوفي عنان
11.jpeg

شـــــارك المادة

لم تمض ساعات على وصول الجنرال (روبرت مود) إلى سورية حتى غادرها فجأة ليعلن حالة الطوارئ في تفكيرنا، ترى لماذا يغادر قبل تنفيذ المهمة التي أوكلت إليه بقيادة فريق المتفرجين الدوليين الذين انتدبوا وفق القرار 2042؟

 


هل كانت الرشوة المقدمة له من النظام السوري غير كافية لإقناعه بعقد صفقة يبيع فيها ضميره ويسكت عن الحق مقابل أصفار تضاف إلى حساباته المصرفية؟ أم أنّ هذا النرويجي رفض أن يكون نسخة مكررة من الجنرال السوداني أحمد الدابي الذي قاد قطيع المراقبين العرب قبل أشهر؟
في عالم السياسة المعاصرة يفتح باب الاحتمالات على مصراعيه وتستنفر القوى الأمنية في أعصاب المواطن المسكين الذي فقد السيطرة على ارتفاع نسبة أملاح البحر الميت في دمه وكاد أن يصاب بذبحة سياسية. أحد عشر شهراً مضوا وهذا المواطن المسكين يتأرجح بين السكاكين التي تنهش لحمه وتستبيح دمه، فإذا أردته قتيلاً قالت له ببراءة الذئب: (نأسف لهذا الخطأ، ونعرب عن قلقنا العميق إزاء ما يحدث)، ثمّ يقيمون له مراسم تأبين تليق بالسادة المخضرمين، ويعلنون الحداد عليه.
أحد عشر شهراً والعالم في حداد على شهداء الحرية السورية، وبعد هذا تتهمون العالم بالتآمر على المواطن السوري؟ ألم تجتمع الجامعة العربية مراراً لأجل سلامة السوري وأمنه و استقراره؟ ألم يهدر العرب من الوقت و الجهد و المال ما يقنع المفجوعين والجرحى والمنكوبين أنّ العالم يعنيه ما يتعرضون له من مذابح وهمجية ودمار للبشر والحجر؟ ألم يرسلوا فريقاً من المراقبين ليشهد احتضار الإنسانية في سورية ويقيم مراسم التأبين على الوجه الأمثل؟ لقد أرسل العرب كلّ أطبائهم الاحتياطيين وطلبوا من جميع الاختصاصيين في التخدير والجراحة ونقل الدم وتخطيط الدماغ أن يحضروا إلى سورية لإجراء عملية تاريخية توقف النزيف في الشريان السوري الأبهر، الذي انفجر بعد ارتفاع ضغط دام أربعين عاماً.
و كانت أولى مهام الفريق الطبي أن تفقأ عيون هذا السوري كي لا يرى إلا ما يريه فرعون، وأن تغسل دماغه فلا يفكر لحسابه الخاص، ولا يحلم على طريقته، ولا يخطط لأبعد من قوت يومه. وحاول الفريق جاهداً أن يستأصل كلّ الخلايا الناشطة في الجسد السوري وأخضعوه لعملية قسطرة للعثور على كرياته البيضاء المقاومة للسرطان، وحاولوا بشتى الوسائل استئصالها وبيعها في الأسواق السوداء في ليلة حمراء، وكان الثمن أصفاراً تضاف إلى حساباتهم المصرفية.
لم تنجح العملية الجراحية التي جاؤوا لأجلها ولم يستطيعوا رغم اجتهادهم أن يستأصلوا وجدان السوري وكرامته وإرادته، وعادوا يجرون أذيال الخيبة. ولم يقتنع العالم بفشل الفريق الطبي الأول، فأتبعه فريقاً آخر، مصرّاً هذه المرة أن تكون العملية الأخيرة، فكان كوفي عنان القائد الأعلى وكان الجنرال مود القائد الميداني للعمليات الجراحية. لم تجد إسرائيل خيراً من عنان لتسلمه الملف السوري، كيف لا ومراكز الاستخبارات الإسرائيلية موجودة تحت السجادة التي يمشي عليها، وفي الملاعق التي يأكل بها، وفي شامبو استحمامه الصباحي؟ وقد أحصوا كلّ أنفاسه منذ طفولته ومراهقته ومكاتيبه الغرامية الأولى ومخالفات المرور التي ارتكبها في سن الطيش، وعدد الأسنان الخزفية في فمه، وكلّ الشيكات التي استلمها في حياته، لتكون هذه الأسلحة مادة إعلامية طريفة تسرّب بالتقسيط للصحف العالمية ووكالات الأنباء بشكل فضائح قد يسمّونها (عنان غيت) على غرار (ووترغيت).
فهل نتوقع خيراً من مبادرة جاءت بها إسرائيل تحت عنوان (كوفي عنان)؟ هل تحتاج الحقوق المشروعة للشعب السوري فريقاً يراقبها ويقررها؟ هل تحتاج الضحايا التي تزهق أرواحها يومياً إلى عداد دولي يحصيها؟ هل يحتاج الدمار الذي خلفته قوات العصابات الأسدية إلى مقياس ريختر ليقيس حجم الأضرار الناجمة عنه؟ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. فكيف بحال من أمضى العمر يعدّ اللدغات؟ الشعب السوري الثائر كان ضحية فريق المراقبين العرب الذي كان الدليل السياحي للعصابات الأسدية يدلّهم على أماكن وجود الناشطين وعناصر الجيش الحرّ والمشافي الميدانية ولم يبق حيّ أو شارع زاره فريق المراقبين العرب إلا وتعرض للقصف العنيف بعد مغادرة القطيع، وكانت النتيجة أعداداً مضاعفة من الشهداء والمعتقلين، ومئات البيوت المهدمة فوق رؤوس ساكنيها، وآلاف اللاجئين السوريين الموزعين على الحدود السورية بلا عين تكلأهم سوى عين الرحمن، ومجازر لم يرتكبها أعتى الطغاة في التاريخ.
دفاعاً عن كرسي ومنصب رئاسي يباد شعب بأكمله، من يُفهم هذا الأبله المعتوه البطة أنّ مدة صلاحيته انتهت وأنّ مصيره المزبلة؟ من يقنع العالم أنّ السوري لن يسكت ولن يستكين حتى يجتث جذور الطغيان ويقدّمها هدية وفاء لدماء من رسموا الطريق؟
اليوم وفي ذكرى مجزرة ساحة الحرية في حمص الأبية، يشهد العالم انعقاد كونسلتوا الأطباء الجدد، ويسمع صوت سيارات الإسعاف على طول الخريطة السياسية، لكنّه يتفاجأ أنّ رئيس الأطباء القادم من النرويج يرفض إجراء العملية الجراحية التي كُلّف بها... ولا ندري أهو رفض لإجراء قتل رحيم للشعب السوري باسم الإنسانية؟ أم مؤامرة كونية جديدة لا نعرف مضمونها بعد؟

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع