..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هناك عرب يسعون إلى إنقاذ سوريا

خير الله خير الله

١٠ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6788

هناك عرب يسعون إلى إنقاذ سوريا
3.jpeg

شـــــارك المادة

يوحي التصعيد الذي شهدته الأيام القليلة الماضية بأنّ هناك من وضع نصب عينيه تفتيت سوريا. من الواضح أن كلّ الذين يسعون إلى إطالة الحرب الأهلية في هذا البلد العربي المهم إنما يسعون، من حيث يدرون أو لا يدرون، إلى الحؤول مستقبلاً دون استعادة سوريا لعافيتها من جهة وتحولّها إلى دولة طبيعية موحّدة تعيش في ظلّ نظام ديمقراطي فعلاً من جهة أخرى.


في النهاية، إن النظام السوري سقط قبل أشهر عدّة. سقط في اليوم الذي لم يجد خيارات أخرى للتعاطي مع الثورة الشعبية الحقيقية سوى الخيار الأمني. منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة قبل ثلاثة عشر شهراً، لم يجد النظام ما يردّ به على مواطنيه غير العنف والقمع وتدمير المنازل والأحياء.
حسناً، استطاع الرئيس الراحل حافظ الأسد، طوال ثلاثين عاماً، اللجوء إلى الخيار الأمني فنفّذ سلسلة من المجازر في أنحاء مختلفة من سوريا. كانت مجزرة حماة تتويجاً للسلسلة التي لم تنه يوماً. ارتكب النظام السوري في عهد الأسد الأبّ سلسلة أخرى من المجازر في لبنان، بشكل مباشر أو بالواسطة شملت حتى المخيمات الفلسطينية. طالت تلك المجازر للبنانيين من كلّ المناطق مع تركيز على المسيحيين في البداية من أجل إخضاعهم نهائياً وكي يكونوا أداة مطيعة على غرار ما هو عليه النائب ميشال عون ومن لفّ لفّه من صغار الصغار حالياً. ليس مطلوباً من المسيحي إلاّ أن يكون أداة لدى النظام السوري. لذلك كان ذلك التركيز على المسيحيين الشرفاء الذين رفضوا الانصياع لأوامر النظام السوري، فتعرّض هؤلاء لما تعرّضوا له من جرائم.
في الوقت ذاته، كان هناك تركيز مستمرّ على أهل السنّة من أجل أن لا يكون لديهم زعيم يمتلك حيثية. صار سنّة لبنان عقدة النظام السوري، خصوصاً منذ تولّى حافظ الأسد السلطة في العام 1970م. أمّا الدروز، فقد اعتبر أنهم صاروا في الجيب منذ اليوم الذي اغتيل فيه الزعيم الوطني كمال جنبلاط في آذار- مارس من العام 1977م.
لم يتغيّر شيء في عهد الرئيس بشّار الأسد ابتداء من العام 2000م. ظلّت السياسة المتبعة قائمة على الخيار الأمني أن في لبنان أو في سوريا. لم يفطن الأسد الابن إلى أن اغتيال رفيق الحريري سيخلق هذا الزلزال الكبير الذي أجبره على سحب قواته من لبنان في نيسان- ابريل من العام 2005م. لم يدرك في أي لحظة أن الخيار الأمني لم يعد خياراً لا في لبنان ولا في سوريا، وأن هذا الخيار سيرتدّ على نظامه عاجلاً أم آجلاً.
ما يواجهه النظام السوري حالياً هو مأزق الخيار الأمني الذي لم يستطع إيجاد بديل منه أكان ذلك في عهد الأب أو في عهد الابن. ما يمكن اعتباره عنصراً جديداً في المعادلة السورية حالياً هو الإصرار الذي يبديه الشعب السوري على الاستمرار في المقاومة. يترافق ذلك مع أصوات عربية جريئة تسمّي الأشياء بأسمائها وترفض التفرّج على المجازر التي ترتكب في حق أبناء الشعب السوري. هذه الأصوات العربية تدرك أن السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا هو تنحي بشّار الأسد عن السلطة وإعداد البلد لمرحلة جديدة عبر مرحلة انتقالية يتفق خلالها السوريون على نظام جديد للحكم يليق بهم وبثورتهم.
تكمن مشكلة هؤلاء العرب الذين يدعون إلى الانتهاء من النظام في أسرع ما يمكن، أن عليهم القتال على غير جبهة. عليهم دعم الشعب السوري في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد أوّلاً، وعليهم إقناع المجتمع الدولي بأنّ هناك حرباً أهلية حقيقية في سوريا، وأن مدناً وبلدات وقرى تواجه حملات تدمير وإبادة لمجرد أن أهلها يعلنون أنهم ضدّ النظام، وأنهم يريدون الحرية والكرامة.
هؤلاء العرب، الذين يعملون من أجل استعادة سوريا، يواجهون أيضاً الحلف غير المقدّس الذي يضم أطرافاً مثل روسيا والصين وإيران وإسرائيل.
ما يجمع بين كلّ هذه الأطراف هو الرغبة في دعم النظام السوري بكلّ الوسائل الممكنة، حتى عن طريق إجبار العراق على دعم نظام يكرهه، وكأن المطلوب إدامة الحرب الأهلية إلى ما لا نهاية. كلّ ذلك من أجل التأكد من أنه لن تقوم يوماً قيامة لسوريا.
الأكيد أن مهمة العرب الذين يودون إنقاذ سوريا ليست سهلة بأيّ شكل. ولكن ليس أمامهم سوى التمسّك بالموقف الشجاع الذي اتخذوه منذ اليوم الأوّل الذي تبيّن فيه أن ليس لدى النظام السوري ما يلجأ إليه سوى الخيار الأمني، أي خيار إلغاء الآخر.
لا يمكن للعرب الشرفاء الذين اتخذوا موقفاً واضحاً منذ البداية من الثورة الشعبية في سوريا إلاّ أن يكونوا على حقّ نظراً إلى أنه ليس في استطاعة نظام، مهما بلغت قوته وسطوته وحجم أجهزته الأمنية، من الانتصار على شعبه، كما ليس من حقّه ذلك. الأمل -كلّ الأمل- في أن يتحقق هذا الانتصار في أقرب فرصة تفادياً لمزيد من الدماء ولتحوّل الحرب الأهلية الدائرة حالياً إلى عملية تنظيف ذات طابع مذهبي تقضي على النسيج الاجتماعي في سوريا على غرار ما حصل في العراق. تلك هي كارثة الكوارث بالنسبة إلى مستقبل سوريا والمنطقة المحيطة بها!

المصدر: أخبار الثورة السورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع