طريف يوسف آغا
تصدير المادة
المشاهدات : 3148
شـــــارك المادة
يصادف غداً الذكرى التاسعة والأربعين لانقلاب الثامن من آذار الذي أتى بحزب البعث إلى الحكم في سورية تحت شعار (وحدة حرية اشتراكية) وكذلك محاربة الإقطاع والرأسمالية وتكريس حكم الشعب.
ولكن تتابعت الأحداث والانقلابات لنجد الوطن وقد تحول إلى إقطاعية كبيرة وكذلك إلى شركة مساهمة يملكها الحاكم وأسرته وحاشيته من جهة، والشعب يعمل تحت يدهم كالعبيد من جهة ثانية. وقد قام الخطاب السياسي السوري الرسمي خلال تلك الفترة، وخاصة خلال الأربعين سنة الماضية من حكم الأب والابن، على مكونات شديدة الجمود أشبه ما تكون بالجبال الجليدية في القطب الشمالي. فالذي حضر أو سمع خطاباً من بداية تلك المرحلة فكأنه حضرها أو سمعها كلها وصولاً إلى خطابات اليوم. وقبل الدخول في تفاصيل المقال، أريد أن ألفت النظر إلى أن النظام السوري الحالي موجود ومحمي دولياً لتحقيق هدفين لا ثالث لهما: حماية أمن إسرائيل من أي خطر حقيقي، ومنع أي تقارب عربي عربي. أما أجرته مقابل ذلك، فهو أن يتصرف ببلاده كما يشاء ومن دون محاسبة. ولكن وحتى لا نظلم هذا النظام كثيراً، فلا بدّ من التنويه إلى أن ذلك ينطبق على غالبية الأنظمة العربية أيضاً، ولكن خصوصيته التي تحميه من أعدائه، تكمن في حدوده المباشرة مع إسرائيل، وهكذا نجدهما يحميان بعضهما البعض على مبدأ (حكِلّي لحكِلّك). وكي يصرف النظام السوري نظر الآخرين عن تلك المهمة المكلف بها، وحتى يعطي لنفسه نوعاً من الشرعية أمام شعبه، وأيضاً أمام من يصنفون أنفسهم بالقوميين والوحدويين والاشتراكيين واليساريين والمقاومين والتحرريين... فكان لا بدّ له أن يمثل دوراً آخر يختلف عن دوره الحقيقي. ولهذا نراه يستعمل خطاباً مليئاً بالشعارات المثالية والطنانة التي تساعده على إبعاد الشبهات عنه وكسب تأييد السذج من تلك الشرائح التي ذكرناها. استمع إلى أي خطاب رسمي سوري ولاحظ وجوب احتوائه على المكونات والعبارات التالية: المقاومة والممانعة: ولا ننسى أنه كان من صفى المقاومة الفلسطينية في لبنان وارتكب مجزرة تل الزعتر، والصورة التي نشرتها الصحافة الفرنسية لجنود إسرائيليين إبان غزو لبنان وهم يحملون صورة الأسد الأب امتناناً منهم لإخراجه منظمة التحرير من بيروت، وتلقيب الصحافة الإسرائيلية حديثاً للأسد الابن بملك إسرائيل ودعوتها للوقوف إلى جانبه لأكبر دليل على ذلك. المواقف المبدئية والثابتة: في حين أنه النظام الذي يغير مواقفه حسب مصالحه وليس مصالح شعبه أو دول الجوار، ومشاركته في حرب (عاصفة الصحراء) الأمريكية ضد العراق مقابل (الله أعلم كم) من جهة، وإطلاق يده في لبنان من جهة ثانية لأكبر دليل على ذلك. آخر القلاع في وجه المد الصهيوني: وهو من حمى حدود إسرائيل لأربعين عاماً وما يزال، بما في ذلك أرضه المتمثلة بالجولان، فلم يطلق عليها رصاصة واحدة. التصدي للهجمة الامبريالية الشرسة: وهو الخادم الوفي لها وأفضل من يكرسها ويساعد على استمرارها ونجاحها في الشرق الأوسط، وتعاونه من تحت الطاولة معها لأكبر دليل على ذلك. التصدي للمؤامرات الخارجية: في حين أنه هو من يقودها على الأمة العربية حين يكرس التدخل الإيراني الروسي الصيني ويجعل سورية قاعدة لهذه الدول للتآمر على بقية الدول العربية. دعم الشعوب المناضلة من أجل التحرر: وهو يقصد بذلك دعم الأنظمة الديكتاتورية التي تشبهه وتدعمه وتنكل بشعوبها مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وكوبا وفينزويلا وغيرها. قيادة مسيرة الإصلاح والتطور: وهو الذي أوصل سورية إلى ما يشبه العصر الحجري علمياً وتقنياً وثقافياً. محاربة الفساد: وهو الذي ينخر الفساد كافة أجهزته ومؤسساته حتى العظم، من الرأس وحتى أخمص القدمين. إذاً؛ فهذا نظام منافق يفعل عكس ما يقول، ويقول عكس ما يفعل، ولكنه لا يغير خطابه لأن مهمته الأساسية لم تتغير طوال فترة تسلطه على الحكم. وبالتالي فهو يجعلك تسأل نفسك أحياناً: هل هذا النظام مجنون لا يعي ما يقول؟ أم أنه كذاب ويستغبي الناس والعالم؟ أم أنه غبي لدرجة أنه يظن بأن الناس والعالم يصدقانه؟ أقول: أن الجواب هو مزيج من كل ما سبق.
المصدر: أرفلون نت
سلام الكواكبي
مصطفى يوسف اللداوي
حامد الخليفة
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة