مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3027
شـــــارك المادة
رسائل الثورة السورية المباركة (54) الثورة السورية: لمرحلة الثانية (20) الحظر الجوي أم الدفاع الجوي؟
في المقالة السابقة طالبت الجيش السوري الحر الباسل بمهمة عظيمة، وهو أهلٌ لها -إن شاء الله-، لأن ما رأيناه من ضباطه وجنوده إلى اليوم يدل على أنهم أشجع الشجعان، فإنهم يدركون تبعات قرارهم ويعلمون أنهم يتحولون إلى شهداء أحياء من لحظة انشقاقهم، ومع ذلك ينشقّون ويعلنون انشقاقهم على الملأ، -حماهم الله-. طالبتهم بهذه المهمة الجليلة النبيلة، حماية الثورة وجمهور الثورة السلمي، لكنْ ليس من الإنصاف أن يُكلَّفوا بها بلا مساعدة، والمساعدةُ علينا نحن أن نقدمها لهم، بل عليكم تقديمها أنتم يا ثوار وأحرار سوريا بالمقام الأول. أولاً: أعترف بأنني أقلّ بكثير من أن أتدخل في قرارات العسكريين المحترفين من قادة الجيش السوري الحر وضباطه الكبار؛ إنما أتجرأ فأقدم اقتراحاً، وبما أنني لا طريقَ لي إليهم لأقدّم لهم اقتراحي فإنني أنشره على الملأ، لعل بعض من يقرؤه يستطيع توصيله إليهم. أرجو أن تعتبروا -يا أيها العسكريون الشرفاء- ما أكتبه مجرد اقتراح من أخ محب حريص، وأن تدرسوه لعل الله ينفع به، فإذا اقتنعتم به فانقلوا قناعتكم إلى الشارع ليعلنَها ويطالبَ مجلسَه الوطني بالسعي إلى تحقيقها، وليضغط المجلسُ بعد ذلك على الدول الغربية لتمدّ جيشَنا الحرّ بما هو محتاجٌ إليه حتى ينجح في حماية المدنيين. أرأيتم كيف أن لكم دوراً في تقديم المساعدة يا ثوار سوريا الأحرار؟ الجيش بحاجة إلى السلاح والذخائر، وقد ناقشت ذلك بإيجاز في المقالة الماضية، وهو يحتاج إلى أرض يرتكز إليها -منطقة آمنة-، وهو ما ستناقشه المقالة القادمة -بإذن الله-، ويحتاج إلى حماية من القصف الجوي، وهو موضوع هذه المقالة. الحماية المطلوبة يمكن الحصول عليها بواحد من طريقَين، أحدهما مُكلف وطريقه طويل، والثاني رخيص نسبياً وطريقه قصير. الأول هو "الحظر الجوي" الذي يطالب به الأكثرون، والثاني هو "الدفاع الجوي" الذي لم يتحدث عنه أحدٌ حتى الآن. الحظر الجوي معناه منع الطيران فوق منطقة محددة جغرافياً، وغالباً يترافق مع تدمير كلي أو جزئي للدفاعات الأرضية، ويحتاج إلى قرار دولي لتطبيقه -وهو قرار ستعطله روسيا أو الصين كما عهدنا في الماضي-، كما أنه يستدعي تطيير دوريات دائمة من طائرات الاستطلاع والطائرات الحربية لتطبيقه بصورة فاعلة، فترتفع كلفته ارتفاعاً كبيراً. انظروا -على سبيل المثال- إلى تكلفة الحظر الجوي الذي طبقته أميركا وحلف الناتو في البوسنة (1993م-1995م)، وفي كوسوفو (1999م)، كلّف الأول 3، 4 مليار دولار والثاني 2، 3 مليار دولار. وماذا عن الكفاءة؟ هل يُعتبَر "الحظر الجوي" وسيلة مضمونة لمنع الطيران؟ غالبية القراء سوف يستغربون من السؤال لأنهم يعتبرون الجواب تحصيل حاصل، لكنه ليس كذلك، فلم يحصل في الماضي أن نجح أي حظر نجاحاً تاماً. على سبيل المثال: في البوسنة سجّلت وثائق الأمم المتحدة أكثر من 500 خرق للحظر بين عامَي 1993م و1995م. البديل الأرخص والذي يمكن الوصول إليه بسرعة وبلا حاجة لقرار دولي هو تأمين أسلحة مناسبة للدفاع الجوي، أسلحة يمكن أن تحمينا من شرّ الطائرات المقاتلة، النفاثة والعمودية على السواء. إنه بديل جيد ورخيص نسبياً، وقد يكون أنسبَ كثيراً في الحالة السورية من الحظر الجوي الذي سيكلفنا المليارات ويحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه بشكل فعال وإلى تجاوز عقبات دولية كثيرة، ليس أقلها الفيتو الروسي المشهور والمشهَر دائماً فوق رقابنا. هل تذكرون الحرب الأفغانية؟ لقد نجح المجاهدون الأفغان في تحييد سلاح الطيران الروسي وحماية أنفسهم من الغارات الجوية بصواريخ "ستينغر" الأميركية المضادة للطائرات التي حصلوا على عدة مئات منها من الأميركيين. هذه الصواريخ تشبه قذائف "الآر بي جي" المشهورة وتُحمَل مثلها على الكتف، إلا أن تلك مضادةٌ للدروع ومداها الفاعل نحو نصف كيلومتر وهذه موجَّهةٌ ضد الطائرات ومداها الفاعل ثمانية كيلومترات، بالإضافة إلى الفرق في وزن الرأس المتفجر ونوعه وطريقة التوجيه. نحن بحاجة إلى أي نوع من أنواع أنظمة الدفاع الجوي المحمولة (مانبادْس) (Manpads :Man Portable Air Defense Systems)؛ صواريخ ستينغر الأميركية مثلاً، أو مِسترال الفرنسية أو ستريلا الروسية، أو ما يشبهها. قيمة الصاروخ الواحد من هذه الصواريخ هي نحو مئتَي ألف دولار. لو حصل جيشنا الحر على خمسمئة منها وأحسنَ توزيعَها واستخدامها فإنه سيحمي كل مناطق الثورة من الغارات الجوية المحتمَلة، وسوف تُنَفَّذ خطة الحماية بأيد وطنية مخلصة بكلفة لن تتجاوز مئة مليون دولار بدلاً من مليارات الدولارات. كما قلت في أول المقالة: أنا أقترح فقط، والعسكريون المحترفون من قادة الجيش السوري الحر وضباطه الكبار أدرى بالمصلحة، فإذا اقتنعوا بهذه الفكرة فليطالب بها الشارعُ وليسعَ المجلسُ الوطني من أجل تطبيقها، وليبذل جهدَه -من خلال علاقاته واتصالاته- لتأمين صواريخ محمولة مضادة للطائرات وأنظمة رادار بسيطة، فإنها تتميز: (1) بمرونة في التنقل والحركة. (2) بكلفة متدنية نستطيع احتمالها. (3) توفّر قدراً معقولاً من الحماية ضد الطائرات المقاتلة. (4) يمكن الحصول عليها بسرعة هائلة مقارَنةً بالحظر الذي لا بدّ أن يمر عبر قنوات رسمية أممية طويلة قبل إقراره وتطبيقه -لو أنه أصلاً قُرِّر وطُبّق-. أما إذا رفض أحرار الجيش من العسكريين المحترفين الفكرة وأصرّوا على الحظر فلا قولَ لقائل بعد قولهم، وسوف أتبنى مطلبهم -رغم اقتناعي بأنه خيار مَفضول وأن خيار امتلاك أسلحة دفاع جوي هو الأفضل-، وسوف أدعو -أنا وغيري- المجلسَ الوطني إلى تبنّي ما يريدون وما يطلبون.
المصدر: الزلزال السوري
عمار النوري
أحمد أبازيد
جابر علي باشا
عباس شريفة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة