داود البصري
تصدير المادة
المشاهدات : 6939
شـــــارك المادة
لعل حالة "الهرجلة" والفوضى الإقليمية الكبرى السائدة في الشرق الأوسط حالياً بفعل عمليات إعادة الهيكلة والترتيب للنظم والكيانات السياسية قد خلطت العديد من الأوراق ولكنها في المحصلة لم تحجب حقائق العديد من الملفات السياسية والأمنية المهمة التي شكلت جزءاً رئيسياً وفاعلاً من التاريخ السياسي الحديث لدول المنطقة وشعوبها، وأمام حقيقة الانهيار الحتمي والقريب للنظام السوري تبدو العديد من الملفات الساخنة في حالة تفاعل حركية مثيرة للتأمل والمتابعة، فالنظام السوري ليس كأي نظام سياسي وأمني آخر، بل أنه حالة خاصة ومتميزة ومختلفة بالكامل من بين الأنظمة السياسية والأمنية القائمة، فسورية تعيش على إيقاعات نظام سياسي أمني استخباري عائلي شمولي ومطلق هو في حقيقته عصابة أمنية تمارس سطوتها وبلطجتها براحة إستراتيجية كانت منقطعة النظير لم تأخذ أبداً جموع الشعب السوري بحسبانها، بل أن العصابة العائلية الطائفية الحاكمة في الشام كانت تلغي وجود الشعب بالكامل وتعتبره مجرد زمر من العبيد والأرقاء مسخرة بالكامل لخدمة طموحاتها وتسلطها، وهي بالتالي لم تضع أي احتمالات لثورة شعبية أو انتفاضة عارمة تعيد رسم المشهد السوري، فذلك كان احتمالاً شبه معدوم ولم يفكر فيه أساطين النظام أصلاً الذين رتبوا البيت السلطوي بموجب تنظيم "مافيوزي" باطني مطلق ابعدوا فيه عن أذهانهم تماماً فكرة التمرد الشعبي بما خلقوه من فروع استخبارية وما راكموه من علاقات دولية وإقليمية وبما أسسوه من تحالفات إستراتيجية على أسس طائفية ونفعية مع النظام الإيراني على وجه التحديد، والذي من خلاله تحكموا ببوابات مهمة في الشرق الأوسط، ومنها وفي طليعتها البوابة العراقية واللبنانية.
فمنذ عام 1980م تحديداً نسجت خيوط تحالف سياسي أمني باطني قام على أسس طائفية تحت غطاء من الشعارات البعثية السورية الواهية التي تفضح أكثر مما تخفي، ومنذ أن نجح النظام في إخماد انتفاضة الثمانينات عام 1982م بفعل الدعم الدولي المفتوح والمطلق والنظام مارس سياسة التحالف الأمني المفرط والصميمي والخاص جداً مع النظام الإيراني، وتمكن من تحويل وكلاء إيران وعملائها من العرب لوكلاء للمخابرات السورية أيضاً، وتحولت الأحزاب الدينية والطائفية العراقية؛ كـ"الدعوة"، وجماعة المجلس الإيراني الأعلى، وبقية الزمر الطائفية لأدوات مسخرة لخدمة المخابرات السورية وبالتنسيق مع المخابرات الإيرانية، ونجح النظام السوري في رعاية أحزاب إيران العراقية بالتزامن والموازاة مع بقايا البعث العراقي والجماعات القومية واليسارية والكردية التي كان لها وجود ملحوظ في الشام، ولكن بتأثيرات ومؤثرات باهتة للغاية، وكجزء من سيناريو سلطوي تمويهي، ولكن التنسيق الحقيقي كان مع الأحزاب الطائفية العراقية التي استعملها النظام السوري بذكاء في تنفيذ مخططاته التآمرية في لبنان والخليج العربي، والكويت تحديداً التي شهدت مطلع ثمانينات القرن الماضي حملات إرهاب وتفجير واغتيال كانت تخطط حلقاتها الفنية في طهران وتنفذ لوجستياً عبر دمشق، كما حصل في عملية تفجير السفارة الأميركية في الكويت، ومنشآت كويتية أخرى في يوم 12-12-1983م، وبعدها من الأحداث، وكما حصل قبل ذلك في تفجير السفارة العراقية في بيروت، والهجوم على المارينز والقوات الفرنسية في لبنان، وغيرها من الملفات الساخنة الأخرى والتي كان للتحالف الاستخباري الإيراني/ السوري الدور الكبير والفاعل في تنفيذها.
لذلك فإن فروع المخابرات السورية -وخصوصاً فرعي القوة الجوية والفرع 279- يكمن في ملفاتهما أسرار رهيبة لأسماء وعناصر عربية مارست الإرهاب، وبعضها اليوم تحول لحاكم يدعي الديمقراطية ويحاول إخفاء تاريخه الإرهابي الموثق في ملفات المخابرات السورية، والتي أدعو الإخوة في قيادة الثورة السورية للحفاظ عليها لكونها كنزاً معلوماتياً هائلاً من شأن الكشف عن ملفاته الإطاحة برؤوس كثيرة في الشرق التعيس، فعوالم المخابرات السورية وكواليسها واسعة للغاية، وهي لا تختلف في فضائحيتها الكبرى عن ملفات "ستازي" جهاز مخابرات ألمانيا الشرقية السابق الذي تسلل لعمق الغرب. في سقوط التحالف السوري الإيراني الوشيك عرض فضائحي كبير لأكبر ملفات الإرهاب في الشرق الأوسط… فتأملوا يا أولي الألباب.
المصدر: موقع سوريون نت
عوض السليمان
برهان غليون
سميرة المسالمة
خورشيد دلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة