ليال أبو رحال
تصدير المادة
المشاهدات : 6969
شـــــارك المادة
مراقبون يعتبرون أن النداءات تعكس وجهاً من وجوه الصراع داخل السلطة في سوريا: لا يمكن لمن يلاحظ بورصة المواقف اللبنانية، في مقلب الأكثرية الجديدة خصوصاً والمقربين منها، إلا أن يلاحظ تغييراً ما في نبرة التعاطي مع التحركات الشعبية التي تشهدها سوريا، رغم علاقة التحالف التي تربطهم بها. وإذا كان واضحاً أن ثمة تمايزاً في مواقف بعض الصحف اللبنانية الكبرى المقربة من سوريا، وخاصة صحيفتي «الأخبار» و«السفير»، عن موقف حلفاء سوريا «8/ آذار» لناحية مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالقيام بحوار حقيقي مع كل مكونات شعبه ووقف نزف الدم في الشوارع والبدء بإصلاح حقيقي يترجم على أرض الواقع بأسرع ما يمكن، فإن النائب وليد جنبلاط بدا الأكثر وضوحاً في التعبير عن هذا التمايز، انطلاقاً من أنه «في الظروف الحساسة التي تمر بها سوريا، ومع استمرار حالة التوتر الداخلي، فالرأي الأنجح لسوريا هو الرأي الأصدق، وليس الرأي المتملق والزائف»، على حد تعبيره. وبعد أن كان رئيس الحكومة السابق سليم الحص تمنى منذ أيام أن «تتخذ السلطات السورية إجراءات وتسلك سياسة تؤول إلى إطلاق الحريات العامة على الأراضي السورية كافة، وكذلك سلوك سياسة اقتصادية إنمائية ترمي إلى تحسين مستوى دخل الفرد في الجمهورية والقضاء على البطالة فيها»، ناشد جنبلاط «الرئيس الأسد، الذي يملك من الشجاعة الكثير، وقد واجه خلال السنوات القليلة الماضية ضغوطات سياسية هائلة واستطاع أن يخرج سوريا من الطوق الذي فرض عليها، أن يبادر بسرعة إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق تغيير جذري في مقاربة الوضع الراهن والتحديات التي تعيشها سوريا، والذهاب إلى مقاربة جديدة يتم من خلالها استيعاب المطالب المشروعة وتلبيتها للحيلولة دون انزلاق سوريا نحو التشرذم والنزف المستمر كما يتمنى كثيرون». واعتبر أن «سوريا تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى الصدق في التعامل والموقف، لأنها تمر بمنعطف تاريخي لا تنعكس تداعياته على وضعها الداخلي فحسب، بل تمتد إلى لبنان والمنطقة بأكملها»، مشدداً على أهمية «إطلاق الحوار مع كل الشرائح والابتعاد عن العنف وتنفيس الاحتقان والتوتر من خلال التحقيق الجدي والفوري في الأحداث المتتالية التي تحصل وإطلاق سراح المعتقلين، وإيلاء الإصلاحات الأولوية القصوى للخروج من الأزمة الراهنة». هذه المواقف الصريحة بما تنطوي عليه من دعوات مباشرة إلى الرئيس الأسد لا يعتبرها الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين مواقف «جريئة» انطلاقاً من قناعته بأنه «لما كان يمكن لأحد في لبنان أن يرفع صوته بهذا الشكل لولا وجود من يريد في سوريا أن يقال هذا الكلام في لبنان، بمعنى أن هذه المواقف مستندة إلى صوت داخل النظام السوري غير مرتاح لطريقة إدارة الأزمة بالشكل الذي تتم فيه حتى اليوم». ويوضح الأمين، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «مقاربة هذه المواقف لا يمكن أن تتم إلا انطلاقاً من عنوانين، يتمثل الأول بالخطاب العام للثورات العربية والتي لاقت ترحيباً من كل الفرقاء وعلى كل المستويات حتى السورية منها بهدف التشجيع على استعادة مساحة هائلة من الحريات في ظل أنظمة جامدة ومستبدة منذ عقود. ويتجلى العنوان الثاني في اعتراف الأسد نفسه بأن المطالب التي بدأت التحركات على أساسها هي مطالب مشروعة ومحقة، من الدعوة إلى إطلاق الحريات والإفراج عن معتقلي الرأي والمطالبة بتعددية سياسية وبقانون انتخاب جديد». وفي هذا السياق يرى الأمين أنه «بعد أن ثبت النظام السوري مشروعية هذه المطالب لم يعد أحد يستطيع أن يغيب هذا الجانب من المشهد السوري»، لافتاً إلى أن «ارتفاع الصوت اللبناني الناصح من مقربين منها أو متفقين معها على سياستها الخارجية يأتي بالتزامن مع ازدياد وتيرة الاحتجاجات في الأيام الأخيرة». ويعرب الأمين عن اعتقاده بأن «مخاطبة الأسد من قبل جنبلاط وقبله الحص وآخرين توحي وكأن ثمة انتقاد ضمني داخل سوريا للجهاز الأمني الذي يبدو أنه لا يزال يدير حتى اللحظة مواجهة الاحتجاجات في سوريا، ومن هنا السؤال عن تأخر الرئيس الأسد في القيام بالخطوة السياسية المطلوبة لأنه هو من يجب أن يبادر اليوم»، مشدداً على أن «في هذه النداءات إدانة للإدارة الأمنية التي تواجه عوضاً عن الإدارة السياسية». ويخلص الأمين إلى التأكيد على أن «الرئيس الأسد يبدو اليوم وكأنه أسير هذه الإدارة الأمنية وهو غير قادر على تنفيذ ما وعد به، وعندما توجه له الرسائل من قبل قريبين من نظامه يبدو وكأنها تعكس وجها من وجوه الصراع داخل القرار في سوريا، خصوصاً أنه من الواضح اليوم أن النظام السوري لم يحسم بعد خياراته بشكل حازم في التعاطي مع التحركات الشعبية».
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط
باسل الحاج جاسم
عبد الله بجاد العتيبي
مروان قبلان
زياد الشامي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة