مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3646
شـــــارك المادة
الثورة السورية: خواطر ومشاعر (39): إدلب.. أرض البطولات والأمجاد
في أيام الثورة المبكّرة كنت أتابع انتشار المظاهرات بكثير من الأمل والقلق، وكلما دخلت في الثورة مدينةٌ جديدة أكاد أطير بها فرحاً وأودّ لو أقبّل جبين كل حُرّ فيها وكل ثائر. لقد كانت تلك هي الأيامَ الفاصلة بين نجاح الثورة وبقائها أو فشلها وفنائها، وكانت لكل مدينةٍ جديدةٍ قيمةٌ كبيرة. في جمعة الثورة الثانية، "جمعة العزة" في الخامس والعشرين من آذار، خرجت أولى المظاهرات في محافظة إدلب في أريحا ومعرة النعمان، وفي الجمعة التي بعدها، "جمعة الشهداء" في الأول من نيسان، سمعتُ باسمَين لا أعرفهما: كفرنبل وبنّش. سألت: ما هاتان وأين هما؟ فقيل لي: إنهما من مدن إدلب. بعد ذلك بدأت تتوارد الأسماء تَتْرا، وكلما سألتُ عن اسم قالوا لي: هذه قرية أو مدينة في محافظة إدلب… وما زلت أحصي مواقع الثورة في تلك البقعة المباركة من سوريا حتى بلغَت مئة وبضعة وسبعين موقعاً، بين مدينة كبيرة وبلدة متوسطة وقرية صغيرة، وحتى كدت أظن أخيراً أن في تنسيقية إدلب بعض الناشطين المتفرغين لاختراع الأسماء وإذاعتها على أنها مدن وقرى يتظاهر فيها أحرار الثورة! هل تعلمون كم بلغت المدن والقرى الثائرة في محافظة إدلب الجمعةَ قبل الماضية، جمعة بروتوكول الموت؟ سبعة وسبعين. وكم بلغت في الجمعة الأخيرة، جمعة الزحف إلى الساحات؟ كم تقدّرون؟ لقد بلغت مئة وعشر نقاط! إي والله، مئةٌ وعشرٌ من المدن والبلدات والقرى تجمّع الثوارُ في ساحاتها ومشَوا في شوارعها، أو انطلقوا على الطرق العامة يزحفون من واحدة منها إلى أخرى في أنهار بشرية دَفّاقة لا يكاد يظهر لها آخِر. من أين تأتي إدلب بكل أولئك الأبطال؟ لَكأنّ فيها أشجاراً يَنبت عليها الرجال كما ينبت الخير في أرضها، أرض الجلال والجمال. لقد كانت إدلب وجبلها الأشم، جبل الزاوية، شوكة لم يستطع النظام كسرها على كثرة ما حاول كسرها من أول أيام الثورة إلى اليوم، فلمّا استعصى عليه كسرُها أراد أن يبلعها ليخفيها من الوجود، فعلقت في حلقه، فلا هو يستطيع أن يسيغها ولا هو يستطيع أن يلفظها، حتى ليكاد يختنق بها ولا يجد حيلة للخلاص منها، وإني لأرجو أن يكون حتفه على أرضها -إن شاء الله-. ساق عليها الحملةَ بعد الحملة، فمرّت الحملات الآثمات المجرمات عليها كما تمرّ الريحُ على أشجار الحور، تعطف رؤوسَها ذات اليمين وذات اليسار ما هزّتها الريح، فإذا انحسرت عنها رفعت رؤوسها إلى العلياء مستقيمة ذاهبة في الفضاء كما كانت، أمّا أن تنكسر؟ أرأيتم ريحاً كسرت حوراً من قبل؟ أما الجبل فقد أتتكم من أخباره الأعاجيب؛ كلما نطحه النظام نطحة انكسرت في قرنه شوكة، ولن يزال ينطحه حتى تَفنى قرونه وتنكسر رقبته -بإذن الله- ويبقى جبل الزاوية هو الجبل، جبل الصمود والعزة كما عهدناه على الدوام. ما ضرّكِ -يا إدلب- ما فقدت اليوم، لقد ارتقى شهداؤك إلى جنات الخلود -بإذن الله-، وما ضرك ما فقدت قبل اليوم، إنهم النجوم في سماء مجدك ينافسون الشمسَ في ضياء السماء. أما أنتم يا ثوار سوريا فأبشروا، لن تُهزَم ثورتكم -بإذن الله- وفي سوريا أرض اسمها إدلب، ولن تُخذَلوا -بإذن الله- ومعكم ثوار إدلب الأبطال.
المصدر: موقع الزلزال السوري
زهير سالم
محمود درمش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة