داود البصري
تصدير المادة
المشاهدات : 6657
شـــــارك المادة
سباق الحرية والدماء العاصف في سورية بات يرسم نهايات بشعة واحتمالات غير مريحة في ظل التردد العربي الجامع، وحالة الحيرة القاتلة التي تلف الموقف الإقليمي، وإيغال نظام القتلة السوري في مهرجانات القتل والدم والانتقام من الشعب السوري الحر الثائر الذي تمرد على قوالب الذل والاستكانة، وانتفض حاملاً أكفانه على يديه من أجل حريته وكرامته في ثورته التاريخية العظيمة والنبيلة التي دخلت شهرها العاشر بكلفة دموية غير مسبوقة في تاريخ ثورات شعوب الشرق القديم.
لقد أضحى واضحاً بأن الوساطة العراقية وتدخل حكومة ودبلوماسية نوري المالكي الكارتونية الفاشلة على خط الأزمة السورية لم تكن إلا بغرض إطالة الوقت وتشتيت الموقف وإضعاف قوة زخم التوجه العربي الشامل لمعاقبة النظام السوري على جرائمه، لقد جاءت حكومة العراق كما تتصور بخشبة إنقاذ مؤقتة لنظام القتلة تمهيداً لاستثمار متغيرات وضغوط دولية قد تحفظ بقاء النظام وتجهض الثورة السورية وتعيد الحالة للمربع الأول!! وهي تصورات خاطئة في العموم والمطلق، فثورة أحرار الشام لم تنطلق لتخمد، ولم تشتعل لتخبو، والتاريخ لا يعود إلى الوراء مطلقاً، وتبعاً لذلك فلن تكون سورية بعد الثورة كما كانت قبلها أبداً، وكل إطالة متعمدة في ملف المعاناة السورية معناها النهائي ترسيخ حالة رحيل النظام نهائياً عن مسرح التاريخ السوري والعربي، ومع كل شهيد يسقط وقطرة دم سورية حرة تسفك تزداد احتمالات لف حبال المشانق حول القتلة والمجرمين الذين لن يفلتوا بجرائمهم ورب الكعبة. إنه عهد قطعه الأحرار في الشام على أنفسهم تؤازرهم الإرادة الإلهية والإيمان العظيم باندحار الطواغيت وبانتصار الدم على السيف؛ {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}، ويبدو أن دخول العراقيين على الخط ومحاولة دبلوماسية أهل المنطقة الخضراء فك الحصار الإقليمي حول النظام السوري حامل ملفات أحزابهم الطائفية، ومعلمهم الأكبر -بعد المعلم الإيراني- قد أصاب الجهد العربي الشامل بالتعثر، وفقدت الجامعة العربية قوة وزخم الاندفاع، واختفى الصوت القوي السابق لرئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ/ حمد بن جاسم آل ثاني، الذي كان هو فعلاً العامل المحفز للدبلوماسية العربية، وتوارت جهود الجامعة لحد الفضيحة والعجز، فهل إن إدارة الجامعة لملف الصراع الإقليمي تتأثر بمبادرة عراقية ولدت ميتة ولا قيمة أو مصداقية ميدانية لها سوى الضغوط الإيرانية الهائلة التي دفعت بنوري المالكي إلى أن يجعل ملف إنقاذ النظام السوري أحد أهم ملفات محادثاته في واشنطن المخصصة أصلاً لانسحاب القوات الأميركية من العراق؟ حالات فظيعة من الركض الدبلوماسي والضغوط الإقليمية والسمسرة الدبلوماسية لإنقاذ نظام قاتل ومجرم مازالت مواقفه الإرهابية من الثورة السورية تراوح في مكانها لم تتغير، ومازالت آلته القمعية الجبانة تمارس القتل الشامل ومحاولات تكسير الإرادة، فإلى متى سيطول انزواء الجامعة العربية واختفاؤها عن مسرح الأحداث للصفوف الخلفية؟ وكيف يترك الملف السوري لغلمان طهران في العراق ليمارسوا فيه عبثهم الدبلوماسي الفاشل؟ وإلى متى يظل الشعب السوري يستصرخ الضمائر القومية والدولية ويستعجل العالم لنصرته? بكل تأكيد فإن ثوار سورية حينما كسروا حواجز الخوف والرعب كانوا يعلمون علم اليقين أن حربهم ستكون قاسية جداً ومكلفة أيضاً، وأن صراعهم التاريخي لن يكون طريقه سهلاً معبداً بالورد والرياحين بل بجثث الشهداء وأنين الأسرى، ولكن تلك التكلفة مهما غلت لن تردعهم أو تضعف من إرادتهم؛ لأن من يريد الشهادة من أجل الكرامة توهب له الحياة والنصر المؤزر، ولكن الموقف العربي المائع والشلل الدائم لجامعة الدول العربية في متابعة ملف الحالة السورية قد رسم الإرهاصات لسيناريوهات تغييرية عنيفة ستتجاوز كل ما هو متوقع. النظام لن يرتدع أو يتراجع أبداً؛ لأنه يعلم أن المعركة في الشام هي معركة المصير النهائية للقتلة ولمشروعهم الإرهابي ولتحالفاتهم الطائفية المريضة التي ستسقط للأبد، وهم سيقاتلون حتى النهاية لتجنب مصيرهم المفجع، والشعب السوري بملايينه يظل أسيراً للسيناريو الإرهابي القاتل للنظام السوري الذي لا يتورع عن ذبح الملايين من أجل الإفلات من مصير قاتم لن يفلت منه لا هو ولا شركاؤه وغلمان طهران معهم، فكيف السبيل لتخفيف الكلفة الدموية لعملية التغيير السوري الحتمية؟ لا بديل أبداً عن التدخل الدولي الشامل للضغط على نظام القتلة، وتفكيك آلته العدوانية الإرهابية، وللجامعة العربية نقول: صح النوم.
المصدر: الموقع السوريون نت
هنري ممارباشي
جورج سمعان
عمر كوش
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة