محمود الزيبق
تصدير المادة
المشاهدات : 6704
شـــــارك المادة
ليست غريبة أبداً تلك المعلومات التي سربها مصدر أمريكي عن لقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما.. وتفيد بأن النظام السوري عرض عبر المالكي خدمات للولايات المتحدة تتمثل في تنسيق أمني واسع في المنطقة، وتسليم مجموعات عراقية مقاومة مقيمة بدمشق في مقابل بقاء الأسد بالسلطة.. فمثل هذه الخدمات ليست جديدة على نظام الأسد بل إنني أجزم بأن النظام السوري لا يحتوي اللاجئين السياسيين في بلاده إلا لمثل هذه الأوقات العصيبة.. في سورية مأوى لمعارضات عربية عدة كما يقدم النظام فيها دعماً مادياً ومعنوياً لمعارضات عربية أخرى خارج سورية… في دمشق ستجد معارضات لتركيا، وأثيوبية، وتشاد، ودول آسيا الوسطى.. بل إن في سورية من يعارض إيران أيضاً -وإن كانوا بنشاط محدود-. الرابط الجامع لكل هذه المعارضات كما يقول أحد ضباط المخابرات الكبار أن تجد على أبوابها حراسة من قبل عناصر أمنية.. لم ينس أحد بعد قصة عبد الله أوجلان "زعيم حزب العمال الكردستاني" الذي كان لاجئا في سورية لفترة قبل أن تقدمه المخابرات السورية قرباناً لإيقاف الحشود العسكرية التركية على حدودها.. قبل أيام قليلة تحدث ملك البحرين أيضاً عن قيام الاستخبارات السورية بتدريب معارضين بحرينيين في دمشق وهم بلا شك ورقة أخرى يلقي بها الأسد في مواجهة أزمة رحيله. في لبنان أيضاً كان لسورية علاقات مع بعض المحسوبين على فتح الإسلام وجند الشام لضمان بعض أوراق التأثير الداخلية على الحكومات اللبنانية عقب انسحاب الجيش السوري.. كذلك نستحضر هنا تصريحات نائب رئيس الجمهورية "فاروق الشرع" قبل سنوات والتي عتب فيها على إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لنسيانها الخدمات التي قدمتها أجهزة الأمن السورية للاستخبارات المركزية الأمريكية.. تعود القصة إلى عام 2001م عقب أحداث 11/ أيلول –سبتمبر- مباشرة يوم وجدت الولايات المتحدة نفسها في معركة وجهاً لوجه مع ما تصفه بـ"الإرهاب الإسلامي" وكان لا بدّ لها من معلومات موسعة وتفصيلية عن الإسلاميين في الغرب.. بالطبع كان جهاز المخابرات السورية واحداً من أكثر الأجهزة الأمنية جمعاً لمثل هذه المعلومات؛ نظراً لخبرة النظام السوري في قمع الإسلاميين في الثمانينات ومحاولاته لاغتيال بعضهم في الغرب، ومتابعة نشاطاتهم الأمر الذي يقتضي جمع أكبر قدر من المعلومات.. في عام 2003م سهلت المخابرات السورية دخول المقاتلين السوريين والعرب إلى العراق للمشاركة في الدفاع عنه ضد الغزو الأمريكي.. من ينسى حكاية "أبو القعقاع" في حلب، ذلك الشيخ الذي أقام معسكرات تدريب عسكرية إسلامية في سورية لتأهيل مقاتلين عرب وسوريين للانخراط في صفوف المقاومة العراقية.. بعد فترة تخلى أبو القعقاع هذا عن لحيته الكثة وعاد لعمله في المخابرات السورية قبل أن تنجح بعض فصائل المقاومة العراقية باغتياله في سورية عام 2007م نظراً لوقوع غالبية الذين أدخلهم أبو القعقاع إلى العراق في قبضة الاحتلال الأمريكي.. أكثر التفسيرات المنطقية لهذا الدور الذي لعبته سورية مع المقاومة العراقية أنها ساعدت وربما اتفقت مع الولايات المتحدة على إدخال أكبر قدر من الإسلاميين إلى العراق ومن ثم تصفيتهم من خلال تسريب معلومات مرورهم عبر الأراضي السورية، وذلك بلا شك واحد من مصادر عتب الشرع على إدارة بوش التي أغفلت هذا الجميل. كثير من الضباط الكبار في نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقيادات حزب البعث العراقي وجدوا في سورية أيضاً ملاذاً آمناً عقب سقوط نظام صدام حسين.. وقد قابلت شخصياً الكثيرين منهم وقبل حوالي 3 سنوات تم استدعائي إلى أجهزة الأمن بسبب لقاء إعلامي مع "خضير المرشدي" الناطق باسم حزب البعث العراقي تحدث فيه بلهجة حادة عن المالكي في وقت كان النظام السوري يوطد العلاقة مع المالكي ويتغنى بها.. قبلها بفترة قصيرة اجتمعت ببعض رموز النظام العراقي السابق الموجودين في سورية لغرض فيلم وثائقي عن سقوط نظام صدام.. حدثني أحد الضباط العراقيين الكبار عن مشروع كان قد طرحه على "آصف شوكت" رئيس الاستخبارات العسكرية –يومها- وأخبرته بأن هناك آخرين حدثوني عن هذا المشروع أيضاً وهم ليسوا أصدقاء، فتفاجأ جداً وقال لي بالعراقي بصوت خافت: "هذا شكله يتاجر فينا، آني ما حكيت الفكرة لحد غيره".. طبعاً لم يخرج هذا الوثائقي إلى العلن بسبب تحفظات أمنية وضعتها الاستخبارات على التصوير لكنني ما زلت احتفظ ببعض وثائق هذه اللقاءات لوقت الحاجة. في عمان قابلت بعض شخصيات المعارضة الأردنية في لقاء إعلامي وتحفظ أحدهم على سؤال حول مصدر تمويله وطلب حذفه.. أجبته بأنني أقدم السؤال فقط.. وله الحق بأي جواب يريده.. كرر اشتراطه حذف السؤال.. طبعاً هذا المعارض الأردني وآخرون مثله يملكون مراكز بحثية ووسائل إعلام ناشطة بتمويل ذاتي ولمجرد المصادفة أنهم كانوا ضمن وفد "شعبي" مشارك في لقاء الأسد للتضامن مع نظامه ضد المؤامرة. أضيف هنا أيضاً أن الفصائل الفلسطينية المقاومة لا تستبعد أن تكون في يوم ما أضحية يقدمها نظام الأسد ثمناً لبقائه، وقد سبق أن أغلقت مكاتب هذه الفصائل في 2005م للسبب نفسه.. ولذلك تتسم علاقة هذه الفصائل المقاومة مع النظام السوري بالحذر في كثير من جوانبها كما نقل لي يوماً أحد المسؤولين في هذه الفصائل. بالتأكيد من يقدم لهم الأسد قرابينه ليسوا قادرين على إيقاف انتفاضة شعبية واسعة في سورية.. ولكنهم قادرون على غض النظر عن جرائم الأسد وانتهاكاته المستمرة بحق شعبه على الأقل.
المصدر: موقع سوريون نت
عبد الوهاب بدرخان
ديفيد هيرست
حسن أبو هنية
أحمد أبو مطر
كلام صحيح وجميل عمو محمود
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة