مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3360
شـــــارك المادة
ما أعجبَ الطريقةَ التي يفكر بها هذا النظام البائس! إنه فاجأته ثورةٌ شعبية عارمة لم يحسب حسابها، فماذا يصنع؟ لعله راقب الغضب الشعبي الذي انفجر في بعض البلاد القريبة، ولا بدّ أنه توقع أن يَعْبُر ذلك الغضبُ الحدودَ ذات يوم، ولعله ظن أن يخرج إلى الشوارع مئاتٌ هنا ومئات هناك، فرسم أحسن خطة يمكن أن تتفتّق عنها عبقريته: يمسك بهذه المئات ويرميها في السجون خمسين سنة حتى تتعفن وينساها الناس، ويعود إلى العيش بأمان كما كان. لكن الذي حصل غير ما كان يتوقع، فلم يخرج مئات بل خرج شعب، والوقت أضيق من أن يسمح له باختراع خطة جديدة، فماذا يفعل؟ قرر أن يطبق الخطة القديمة نفسها! ولكن السجون لا تتسع لسكان مدن كاملة، فما الحل؟ لا بأس، يمكنه أن يحول المدن نفسها إلى سجون! وهكذا حرّك الجيش لحصار المدن ووزّع في شوارعها القَتَلة وعلى سطوح أبنيتها القنّاصة، فصارت المدينة سجناً، وصار أهلها مساجين، وارتاح النظام إلى حين. ويلٌ لك أيها النظام! أظننت أنك حللت مشكلتك بالقمع والإجرام؟ لقد استُشهد في حملاتك الظالمة الآثمة على المدن مئات، وقتلت قبلها في المظاهرات المسالمة مئات، واعتقلت في حملاتك الظالمة الآثمة الآلاف، واعتقلت قبلها في المظاهرات المسالمة الآلاف... ولكن ألا تعلم أن في المدن التي اجتاحتها جيوشك ملايين من الناس، وأنهم كلهم -إلا قليلاً من الخَوَنة والعملاء لا يكادون يُذكَرون- قد ركبوا مراكب الثورة ولن يترجّلوا منها إلا على شواطئ الحرية، على شواطئ العزة والكرامة؟ فكيف خيّلَ لك خيالُك أن درعا ونوى وجسر الشغور ومعرة النعمان ستموت لو حاصرتها شهراً وقتلت واعتقلت من أبطالها بضعة آلاف؟ إنما هذه أمانيّ نهار وأحلام ليل، وأقرب إليك منها كوابيس الليل والنهار! ويلٌ لك أيها النظام! لقد خانك دهاؤك وارتدّ مكرك سهماً إلى صدرك، فهذه درعا المحاصَرة الصامدة ما يزال صناديدها وأبطالها يخرجون في المظاهرة بعد المظاهرة، وكذلك يفعل أبطال اللاذقية وبانياس وجبلة وحمص ودوما وحرستا وداريا... هذه وغيرها تعيش منذ أسابيع طويلة تحت احتلال قواتك الغاشمة الظالمة، ثم لا يمنعها احتلالك وإرهابك من أن تخرج فيها المظاهرات وتنشَقّ حناجر أبطالها بالتكبيرات. هل استطعت أن تمنع فيها المظاهرات أو تكمّم أفواه الناس فتخنق في الصدور التكبيرات؟ واعلم أنها تنتظر كلها استئناف الانتفاضة من جديد. هل ستحاصرها وتحتلها قواتُ احتلالك إلى الأبد؟ فلتحاصرها شهراً أو شهرين أو سنة وسنتين، وماذا بعد؟ آجلاً أو عاجلاً ستخرج قواتك الغازية من مدن حوران ومن جسر الشغور ومعرة النعمان، آجلاً أو عاجلاً سينفكّ الحصار، وسوف ترى يومها من أسود هاتيك المدن الأعاجيب!
عباس شريفة
محمد حايك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة