..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية تضيق الخناق على الاقتصاد

الشرق الأوسط

٢٨ مايو ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3032

الثورة السورية تضيق الخناق على الاقتصاد
اقتصادي.jpeg

شـــــارك المادة

 

خبير يقول إذا ما تمكنت المعارضة مع شل الاقتصاد فستسقط الحكومة ببطء

 

 

تضيق الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد الخناق على الاقتصاد السوري، مما يهدد بالإضرار بقطاع الأعمال وطبقات التجار الأثرياء التي يعتمد عليها النظام في مساعدته على الاحتفاظ بقبضته على السلطة، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة "أسوشييتد برس".
وقد دفع شهران من المظاهرات العنيفة في البلاد، بالشركات إلى إغلاق أبوابها، وإبعاد السياح، كما دفعت المظاهرات نظام الأسد إلى مستنقع سياسي غير مسبوق تعود جذوره إلى الانتفاضتين في كل من مصر وتونس. ويتوقع تراجع النمو الاقتصادي من (3.5%) في السنة المالية (2010م)، بحسب بعض الإحصاءات إلى (3%) في العام المالي (2011م)


ويثير هذا الأمر المشكلات بالنسبة للأسد الذي حاول خلال سنوات حكمه أن يبعد سوريا عن الاشتراكية التي فرضها والده. وقد ساعده ذلك على ظهور طبقة جديدة من التجار التي حولت المشهد الاقتصادي السوري، على الرغم من جمود الموقف السياسي للنظام.
وحتى الآن لا تزال طبقة الأثرياء تقف على الحياد، لكن إذا ما طالهم الضغط الاقتصادي ربما تحولوا إلى أحد عوامل التغيير، بحسب قول المحللين. ويقول جوشوا لانديز -مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما- في رسالة بالبريد إلكتروني: "إذا ما تمكنت المعارضة من شل الاقتصاد السوري - كما هو متوقع الآن - فستسقط الحكومة ببطء".


والنظام السوري يعاني سواء على الصعيد الداخلي أو المجتمع الدولي. فالاعتداءات القمعية الوحشية التي يشنها على المعارضين أودت بحياة أكثر من ألف شخص منذ منتصف مارس –آذار-، بحسب تقارير نشطاء حقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه جفت مصادر الدخل من بعض القطاعات؛ مثل: السياحة -على سبيل المثال-. وإذا ما توقفت الأعمال التجارية والشركات في سوريا وأفلست هذه الشركات الخاصة ولم تتمكن الحكومة من دفع رواتب موظفيها لن يكون هناك الكثير من الداعمين للنظام. وبغض النظر عن الاضطرابات الداخلية تواجه حكومة الأسد ضغوطاً خارجية.
من ناحية أخرى، فرضت الحكومة الأميركية والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام يمكن أن تتطور سريعاً إلى دمار اقتصادي خطير في سوريا، كما قام الاتحاد يوم الاثنين بتجميد أصول وفرض حظر تأشيرات على الأسد و(9) من أعضاء حكومته وكبار مساعديه. لكن في الوقت الراهن ينبغي على المعارضة استقطاب الطبقة الوسطى في دمشق وحلب -المدينتين الأقوى اقتصادياً في سوريا-. ويقول "لانديز" -الذي يدير مدونة مؤثرة تدعى (سوريا كومنت): "الطبقة الغنية ستخسر الكثير إذا ما زاد أمد الاضطرابات، إضافة إلى أن المعارضة غير قادرة على تقديم أي سيناريو مقنع للتحول السلمي إلى الديمقراطية أو تغيير النظام، ويخشون من الاضطرابات أكثر من خشيتهم من قمع النظام".
ومنذ بداية الانتفاضة في منتصف مارس في المناطق الفقيرة من درعا، تندلع المظاهرات أسبوعياً في المناطق الفقيرة نسبياً، وربما كانت العوامل المحفزة في ذلك هي ذاتها العوامل التي غذت الاضطرابات في المناطق الأخرى من العالم العربي؛ من ارتفاع معدلات البطالة، وتباين الدخل، وارتفاع تكاليف المعيشة بين الأوساط الفقيرة. كما أصاب الجفاف بعض مناطق البلاد مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين من الأراضي الزراعية ليلقي بمزيد من الضغوط على الاقتصاد. وعلى الرغم من تمتع البلاد بنمو ائتماني، فإن المصارف الخاصة والمتاجر الراقية والمقاهي التي كانت جزءاً من التحرر الاقتصادي، وفوائد الإصلاح في سوريا مثل مصر وتونس لم تفلح في خديعة السوريين.
الاضطرابات الحالية تؤكد على الصورة الصامتة قبل بدء الاضطرابات، فيقف الدين العام السوري عند (74%) من الناتج المحلي الإجمالي ويعتبر الثاني بعد لبنان، بحسب الإحصاءات التي نشرها مركز "كابيتال إكونوميكس" للاستشارات ومقره لندن. ومن المتوقع أن يزداد العجز في الإنفاق مع محاولة الأسد تهدئة الاضطرابات عبر الوعود التي فشلت حتى الوقت الراهن في إقناع المتظاهرين، وتقديم حوافز جديدة في صورة إعانات وخفض أسعار البنزين، إلى غيرها من الوعود الأخرى. غياب الطبقة الوسطى والتجار عن المظاهرات لا يزال حتى الآن أحد العوامل القليلة التي تعمل لصالح الأسد في تناقض واضح مع الثورات الأخرى التي وقعت في مصر وتونس، والتي شهدت تضافراً مجتمعياً أوسع. ففي مصر -على سبيل المثال- كانت الطبقة المتوسطة بين الطبقات الأكثر تضرراً خلال السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من تزايد معدلات الفقر وتفشي الفساد والمحسوبية كأهم سمات نظام مبارك، فإن أبناء الطبقة المتوسطة عايشوا ارتفاع تكلفة المعيشة في الوقت الذي حافظت فيه رواتبهم على ثباتها، وهو ما أدى إلى حالة من التضخم. هذه الحالة من انعدام المساواة ساعدت في نزول الكثير من الأفراد إلى الشارع من مضاربي أسهم إلى أصوليين ومن مصرفيين إلى خبازين.
وقد كانت سوريا سريعة في التقليل من أثر الانتفاضة، على الرغم من اعتراف وزير خارجيتها في (23) مايو –أيار- بأن العقوبات ستضر بالبلاد. لكن هناك إشارات واضحة على المصاعب، فسوريا ليست كالدول العربية الأخرى التي تمكنت من تجنب الاضطرابات بالثروة النفطية، ولا تمتلك سوى القليل من الموارد التي يمكن أن تركن إليها. وكان صندوق النقد الدولي قد خفض من توقعاته بشأن معدلات النمو في الاقتصاد السوري من (5.5%) إلى (3%) في العام المالي (2011م). كما تمر العملة السورية بضغوط قوية أيضاً، ففي أعقاب بداية الأزمة خسرت الليرة السورية (17%) من قيمتها في السوق السوداء، لتصل إلى (45) ليرة مقابل الدولار، وهو المستوى الأدنى لها خلال خمس سنوات، بحسب المضاربين. في الوقت ذاته انخفضت عائدات السياحة التي تسهم بنحو (12%) من الناتج المحلي الإجمالي، بنحو (8) مليارات دولار سنوياً، بصورة حادة.
ويقول لويس حبيقة -أستاذ الاقتصاد في جامعة نوتردام في لبنان-: "الاقتصاد السوري في وضع مذعر، لن تكون هناك سياحة، فمن يرغب في الذهاب إلى سوريا في هذه الأجواء؟"، الإجابة واضحة في غياب الزوار عن سوق الحميدية التاريخية في دمشق، المنطقة الأكثر ازدحاماً بالسياح الغربيين والآسيويين والسياح العرب في سوريا. والآن لا يوجد سوى عدد قليل من الزائرين. ويقول محمد محمد مصرابي –(52 عاماً) واقفا أمام محل خاو من الزبائن-: "نحن نرغب في عودة الهدوء". 

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع