مجلة العصر
تصدير المادة
المشاهدات : 3523
شـــــارك المادة
في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، كشف أن قسم الاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي توقف عن استخدام اسم "سوريا" لتعريف المنطقة الجغرافية والكيان القائم وراء الحدود الشمالية في هضبة الجولان.
ولا يوجد بعد اسم بديل، والبحث عنه مستمر، وبالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية، فإن سوريا غير موجودة كدولة.
ويقول كاتب التقرير "يوسي ملمان" إن الأجهزة الاستخبارية بدأوا منذ زمن الاستعداد للواقع الجديد في المنطقة، حيث تحولت الفوضى إلى نظام جديد. على الخرائط يرسمون انتشار المليشيات والتنظيمات دون التطرق للدول. فبدل الدول القومية، تنشأ عشرات التنظيمات ذات المصالح المختلفة. وأحياناً تكون هذه المصالح متعارضة وأحياناً متوافقة. وهكذا تنشأ التحالفات الآنية.
في الماضي، وفقا للصحيفة، تجمعت في الاستخبارات العسكرية معلومات عن القادة، الذين كان الوصول إليهم سهلاً نسبياً، أما الآن، فبدل القادة المعروفين يوجد أمراء حرب المعلومات عنهم ضئيلة، مثلاً أبو بكر البغدادي، ولا يُعرف عنه الكثير.
والماضي لبعض زعماء التنظيمات غامض، فهم يعيشون في الخفاء ومعرفة صفاتهم جزئية، مثل أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة التي تعمل في سوريا وتسيطر على أغلبية المنطقة الحدودية مع إسرائيل، كما أورد التقرير.
ولا يكون لدى الاستخبارات العسكرية، أحياناً، صورة واضحة عن الشخص الذي يتم جمع المعلومات عنه، مثل أحد السكان البدو من سيناء، أبو إمام الأنصاري، الذي يعتبر زعيم مجموعة أنصار بيت المقدس التي تعمل في شبه جزيرة سيناء.
ويقول الكاتب إن خريطة سوريا الآن ملونة بالألوان التي تمثل التنظيمات والجماعات المختلفة التي سيطرت على أجزاء منها. الجهات الأربع القوية هناك هي الجيش السوري ومليشيات المتطوعين التي أقامها النظام بإيعاز من الباسيج في إيران وداعش وجبهة النصرة والأكراد.
ويسيطر الأسد على 20 بالمائة من المساحة الكلية فقط. في الاستخبارات العسكرية يسمون هذه الأراضي "سوريا الصغيرة"، وهي تشمل العاصمة دمشق وحمص والشاطئ وميناء اللاذقية وطرطوس وجنوب هضبة الجولان.
جبهة النصرة تسيطر على 10 – 15 بالمائة من الأراضي، وبالذات في هضبة الجولان (بما في ذلك القنيطرة)، وفي الشمال (إدلب وحلب).
تنظيم "داعش"، وفقاً للكاتب الإسرائيلي، هو الأكثر حضوراً بين الثوار الذين يحاربون الأسد ومؤيديه: حزب الله وإيران. وقد سيطر داعش على نحو 80 ألف كم من الأراضي السورية سابقاً. جزء كبير من هذه الأراضي صحراوي ويعيش فيه 7 ملايين نسمة.
في مناطق داعش توجد مظاهر الحكم: يتم إخلاء الشوارع من القمامة وأقيمت محاكم شرعية وفتحت المدارس والشرطة تتجول في الشوارع. هنا يكمن الفرق بين جبهة النصرة وداعش: لا يوجد للنصرة مزايا السلطة. وفي داعش يؤمنون بالخلافة ويعملون على إسقاط الأنظمة لاستبدالها.
الأكراد يسيطرون على 15 بالمائة من الأرض السورية. وقد نجحوا في إقامة حزام مستقل في شمال شرق الدولة، وبدؤوا في إرسال المجموعات باتجاه الجنوب لتهديد الرقة. في داعش قلقون جداً من هذا الأمر والصور الجوية تظهر أنهم مستعدون للدفاع عن المدينة بما في ذلك حفر الخنادق والاستحكامات.
باقي الأراضي التي تبلغ 10 بالمائة تسيطر عليها عشرات التنظيمات والعصابات الصغيرة التي تتغير أسماؤها باستمرار.
ويرى الكاتب أنه عند الحديث عن داعش يصعب الفصل بين ما يحدث في العراق وما يحدث في سوريا. وبسبب هذا، فإن الاستخبارات العسكرية تفحص حركة داعش وما تنفذه في العراق وسوريا، كفكرة. وفي الساحتين تم كبح تقدم التنظيم. ففي سوريا فقد التنظيم مؤخراً 9 بالمائة من المناطق التي سيطر عليها في معاركه مع الأكراد وجبهة النصرة. وفي العراق هُزم أمام الأكراد في كركوك وأمام مليشيات شيعية في تكريت. وحسب تقديرات وزارة الدفاع الأمريكية، فإن داعش فقد في المعارك ونتيجة الهجمات الجوية حوالي 15 ألفاً من مقاتليه.
ورغم التقدير أن داعش في تراجع، إلا أنه ما زال يحافظ على قوته. وتضم داعش حوالي 50 ألف مقاتل معظمهم من السكان الذين يعيشون في مناطق سيطرته، وما زال يمثل قوة جذب كبيرة رغم تراجعه في أعقاب ما يبدو أنه تغيير في السياسة التركية.
بعد أربع سنوات من غض الطرف من أردوغان نحو داعش ودخول المتطوعين من أوروبا وآسيا وإفريقيا في طريقهم إلى سوريا، يتم كبح هذه الظاهرة. ويسمح أردوغان للطائرات الأمريكية بالعمل من مطار في تركيا، الأمر الذي يُسهل المهمة. سلاح الجو التركي بدأ هو الآخر بمهاجمة سوريا لكنه يستهدف مواقع الأكراد الأتراك فقط. وقد أعلنت تركيا عن إقامة منطقة أمنية، وتشكل حزاماً يمتد على حدودها بطول 100 كم وعرض 40 كم. ورداً على ذلك بدأت جبهة النصرة بالانسحاب من المنطقة حتى لا تتصادم مع الجيش التركي.
الهدف الرئيس للسياسة الخارجية والأمنية لتركيا هو الجماعات السرية الكردية ومنع إقامة كيان كردي مستقل في سوريا، وهدف آخر ثانوي هو إسقاط الأسد. في داعش يخشون من إجراءات تركيا الجديدة، ومن هنا بدؤوا مؤخراً في نشر منشورات تُبين نيتهم احتلال اسطنبول.
رغم التطورات المختلفة، وفقاً للصحيفة، فإن داعش هو ظاهرة ملفتة لن تختفي. في حين أثبت الأكراد أن الطريقة الوحيدة لوقف تقدم داعش هي الحرب على الأرض. الهجمات الجوية حتى لو كانت شديدة جداً فهي لا تكفي. وقد بلغ عددها 6 آلاف هجمة في الأشهر العشرة الأخيرة. أما سلاح الجو السوري فقد نفذ 7 آلاف طلعة في يوليو فقط وألقى خلالها براميل المتفجرات.
وقال الكاتب الإسرائيلي إن ضعف الولايات المتحدة يثير الجدل العميق، حيث إن هناك تبايناً في الموقف من إنجازات الحرب بين البيت الأبيض وقادة الجيش الأمريكي في العراق وسوريا.
وهؤلاء القادة ينتقدون الإدارة التي لا تتحرك بشكل كافٍ للضغط على داعش. الولايات المتحدة لا تزيد عدد الهجمات وهي مصممة على عدم إرسال "الكوماندوز" لمهمات خاصة.
ورأى الكاتب أن فرص الاتفاق السياسي في سوريا ضعيفة جداً بسبب ثلاثة عوائق: الأول هو رفض الأسد الاعتزال، الثاني هو عدم وجود فرصة للتفاهم مع داعش والثالث هو الموقف الروسي.
حسب معلومات غربية، فإنه جرت مؤخراً محاولات سرية لفحص إمكانية التوصل إلى حل. وقد حدث هذا في لقاء بين الرئيس الروسي بوتين ومبعوث سعودي رفيع المستوى حيث اتهم بوتين السعوديين بأنهم يمنعون التوصل إلى اتفاق. السعوديون نفوا ذلك وقالوا إنهم مستعدون لأي عملية. هل توافقون على الالتقاء مع مبعوثي الأسد، سأل بوتين. السعوديون أجابوا: نعم، بشرط مشاركة ممثل عنك.
بعد فترة قصيرة كان لقاء سري في السعودية بين علي مملوك، رئيس الاستخبارات في نظام الأسد، وبين ممثلين سعوديين وميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي. اللقاء فشل حيث رفض مملوك بشدة كل اقتراح قدمه السعوديون، وقام السوريون بالتسريب عن اللقاء لصحيفة مقربة من سوريا في لبنان.
وأمام كل هذا، وفقاً للصحيفة، يستعد الجيش الإسرائيلي للواقع الجديد في هضبة الجولان. في شمال شرق إسرائيل لا توجد دولة ولا يوجد جيش نظامي. ومنذ اندلاع الحرب الأهلية فقد الجيش السوري 93 بالمائة من مخزون صواريخ أرض – أرض التي كانت لديه، ولديه الآن بضع عشرات من الصواريخ القادرة على الوصول إلى إسرائيل.
وحسب الاستخبارات العسكرية والجيش، فإن التهديد المستقبلي على إسرائيل هو من التنظيمات المسلحة التابعة لجبهة النصرة التي تسيطر على معظم الحدود مع إسرائيل وداعش وحزب الله الذي يعمل قريباً من الحدود، وخصوصاً في منطقة جبل الشيخ وقرية الخضر الدرزية.
ولكن تقديرات الاستخبارات العسكرية، يقول الكاتب، هي أن الحرب ليست على الأبواب،. فداعش وجبهة النصرة وحزب الله لا يريدون فتح جبهة أخرى، وهم الآن يغرقون في الدماء فيما كان يسمى ذات يوم دولة.
باسل درويش
نيويورك تايمز
العصر
العاصمة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة