دويل ماكمنوس
تصدير المادة
المشاهدات : 3375
شـــــارك المادة
لا يزال الإخفاق في سوريا حليفًا للإستراتيجية التي تتبناها الولايات المتحدة وحلفاؤها؛ وهو ما يرى الخبراء السياسيون أنه نتيجة طبيعية للموقف الأمريكي المتذبذب من المعارضة السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقد أوضح الكاتب الصحافي "دويل ماكمنوس" في مقال له نشرته صحيفة "لوس أنجيلس" الأمريكية الأسباب التي يرى أنها كانت الأبرز وراء الفشل المزري الذي تمنى به الخطة الأمريكية.
وكتب ماكمنوس تحت عنوان "فشل صارخ للسياسة الخارجية الأمريكية في سوريا":
في عام 2011، كان السفير الأمريكي السابق لدى سوريا، وهو دبلوماسي دمث الخلق يدعى "روبرت س. فورد"، قد أصبح واجهة الدعم الأمريكي للربيع العربي عندما قام بزيارة مجموعة من المعارضين للنظام الوحشي لـ "بشار الأسد" في مدينة حماة شمالي البلاد.
وفي عام 2014، قدم فورد استقالته قائلًا: إنه لا يستطيع الدفاع عن موقف إدارة أوباما المتذبذب حيال دعم الثوار السوريين. كما حذر من أن "المزيد من التردد... سيؤدي ببساطة إلى التعجيل باليوم الذي سيتعين فيه على القوات الأمريكية التدخل لمواجهة تنظيم (القاعدة) في سوريا".
والآن، وبعد مرور عام، تحقق تحذير فورد. فالطائرات الحربية الأمريكية تقصف الجهاديين في سوريا أسبوع تلو أسبوع. كما أصبحت المنطقة الشمالية في سوريا قاعدة لكل من تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي اجتاح العراق العام الماضي، وكذلك أصبحت حقًّا امتيازيًّا لتنظيم "القاعدة" الذي يقوم بتدريب العناصر الإرهابية الأوروبية.
ويرى فورد أن السياسة الأمريكية قد تراجعت إلى الوراء وليس إلى الأمام. وقد أخبرني الأسبوع الماضي: "إننا نرى سوريا تنقسم إلى أربعة بلدان، ولست متأكدًا ما إذا كان يمكن إعادة ضمها مرة أخرى أم لا".
إنه الإخفاق الأكثر وضوحًا في السياسة الخارجية الأمريكية في الوقت الراهن. فنظام الأسد الذي أعلن الرئيس أوباما أنه قد لفظ أنفاسه لا يزال في السلطة، كما أن ما يقرب من نصف أراضيه تقع تحت سيطرة العناصر الجهادية. أما الثوار المعتدلون الذين قالت عنهم الولايات المتحدة إنها سوف تدعمهم فمعظمهم مبعثرون ومهزومون.
ومع ذلك، لم تكن لتعلم بهذا الشأن من خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه أوباما الأسبوع الماضي. ففي حديث أوباما، تبدو سوريا كجزء من قصة نجاح؛ حيث قال: "في العراق وسوريا، تعمل القيادة الأمريكية بما في ذلك قوتنا العسكرية على وقف تقدم تنظيم الدولة الإسلامية"، وأردف: "وبدلًا من الانجرار إلى حرب أخرى على الأرض في الشرق الأوسط، فإننا نقود تحالفًا واسعًا ... وندعم معارضة معتدلة في سوريا يمكن أن تساعدنا في هذا المسعى"، وأضاف أن هذا "نوع أكثر ذكاء من القيادة الأمريكية".
في الواقع، لقد تصادم اثنان من الدوافع الأمريكية في سوريا. أحدهما هو الرغبة في المساعدة على إسقاط نظام أمسك بمقاليد السلطة عن طريق "القتل، واحتجاز الرهائن، والاختفاء القسري، والتعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي، واستخدام الأطفال كجنود، واستهداف المدنيين، والقصف العشوائي"، على حد ما ذكرت وزارة الخارجية. أما الدافع القوي الآخر كان تجنب التورط في حرب أخرى؛ وهو ما قال عنه مسؤولون: إنه كان الرسالة الأكثر اتساقًا بين أوباما وأقرب مساعديه.
ومع ذلك بالرغم من أن الإدارة الأمريكية قد أعلنت برنامجًا بعد برنامج لدعم الثوار المعتدلين- بدء من المساعدات الإنسانية و"الإمدادات غير القتالية" إلى خطة لم تبدأ بعد لتدريب 5400 من العناصر الثورية سنويًّا- فإن التحذير الذي أفرزته البيروقراطية كان: إن التحرك ببطء أكثر أمانًا من الإقدام على المخاطر.
وقد صرح فورد أنه "لم يكن هناك قط داخل الإدارة أي حس من التعجل لعمل شيء هام". كما أضاف أن البرنامج التدريبي الجديد صغير جدًّا "يبدو كما لو كان مربع اختيار".
في الوقت نفسه، فإن الجهاديين لا ينتظرون. فقد جمعوا المساعدات الحكومية والتبرعات الخاصة من دول الخليج العربي، كما قاموا بشراء أسلحة وتدريب للثوار؛ وفي نوفمبر اجتاحوا قواعد حركة "حزم"- وهي جماعة مسلحة سورية كانت تدعمها الولايات المتحدة- واستولوا على الصواريخ المضادة للدبابات التي أمدتهم بها الولايات المتحدة. وقال فورد أنه: "عند هذه النقطة، انغلقت نافذتنا (لتسليح الثوار)".
وليس هناك رغبة كبيرة لدى الكونجرس لشحن صواريخ مضادة للدبابات للثوار إذا كان سينتهي بها المطاف في أيدي الجماعات المنتسبة لتنظيم "القاعدة". لكن ذلك لا يزال يترك الولايات المتحدة تخوض حربًا في سوريا إذا ما كان يتعين عليها "القضاء على" تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما وعد أوباما.
وهذا الهدف- إذا كان حقيقيًّا- من شأنه أن يتطلب قوات برية. وقد رشح مسؤولون أمريكيون تركيا أو تحالفًا يتألف من تركيا، وقوى عربية صديقة بالإضافة إلى الثوار السوريين المدربين أمريكيًّا إذا حدث وبدأ تدريبهم من الأصل. بيد أن تلك قوة لا وجود حقيقي لها في خدمة استراتيجية لم يتم توضيحها.
إن شيئًا واحدًا لا يزال المسؤولون الأمريكيون يصرون على عدم فعله وهو عقد تحالف مع الأسد. إلا أنهم لم يعد لديهم الإصرار على ضرورة تنحيه على الفور. وقد ألمحوا إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون مرنة إذا ما دخل نظام الأسد في محادثات سلام جادة مع المعارضة غير الجهادية.
وقال وزير الخارجية "جون كيري" في الرابع عشر من يناير الجاري: "لقد حان الوقت للرئيس الأسد (و) نظام الأسد لوضع شعبهم أولًا والتفكير في عواقب أفعالهم التي تجلب المزيد والمزيد من الإرهابيين إلى سوريا".
وإذا كان للإدارة استراتيجية دبلوماسية، فإنها ترتكز على مداهنة الدول ذات التأثير في سوريا- وهي روسيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، وتركيا- من أجل الانضمام إلى عمل مشترك لإنهاء الصراع. والافتراض قائم على أن تلك الدول لديها مخاوف من تنظيم "الدولة الإسلامية" والجهاديين بما يكفي لوضع خلافاتهم العميقة الأخرى جانبًا. لكن ذلك مستبعد الحدوث أيضًا.
وحتى ذلك الحين، تنحصر الاستراتيجية الأمريكية في مهاجمة تنظيم "الدولة الإسلامية" جوًا، وفي الأمل في أن تضعف حرب الاستنزاف نوعًا من قبضة الأسد على السلطة، ومطالبة تركيا (وربما آخرين) بالعمل على الأرض حيث لا ترغب الولايات المتحدة.
وأشار فورد إلى أن "مشكلتنا تكمن في أنه ليس لدينا كبير تأثير. فقد ساهمنا بالنذر القليل في اللعبة. لكنَّ الروس والإيرانيين قد وضعوا كثير ثقل في نفس اللعبة".
وهذا لا يدع مجالًا كبيرًا للتفاؤل. وربما كان الدرس المستفاد من مغامرتنا الفاشلة في سوريا هو: أن سياسة تجنب المخاطرة قد تبقيك بعيدًا عن الحروب على الأرض ولكنها أيضًا قد تجعل الأهداف الأخرى بعيدة المنال.
مفكرة الإسلام
لوس أنجيلس تايمز - ترجمة/ شيماء نعمان
سامي كوهين
دوناتيلا روفيرا
مايكل يونغ
إيلي بردنشتاين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة