أحمد خناق الستاتي
تصدير المادة
المشاهدات : 9684
شـــــارك المادة
بعين مقلوعة، ورأس متهشم، وأنف ملطخ بالدماء يطل أبو سعيد على قوم لم ترَ أعينهم الشمس من شهور، ولم تعرف أنوفهم الهواء النظيف من أيام وأيام...
لملموا ذكرياتهم التي أبقاها لهم الدهر في أذهانهم، وراحوا يتدفؤون بها من جور الظلم وبرد السجن الرهيب...
خيم اليأس عليهم، لكنهم فوق ذلك صابرون، يرجون ألا يزورهم أحد..كي لا يذوق ما يذوقون من مرارة الألم... ولكن في قرارة نفوسهم يلومون أنفسهم لخاطر يعرض عليهم سريعاً ثم يدفعونه... لو يأتينا أحد الآن فقط ليخبرنا شيئاً عن العالم الذي كدنا ننساه.. لكن يبدو أن الخاطر الذي حاولوا دفعه الساعة قد وقع على أبي سعيد من غير استئذان أو قبول اعتذار... من الباب الحديدي الكبير الذي طالما أتى بالموت والعذاب والفزع... أطل شبحه وهو ينادي بلهجة (القبضايات) السلاااااااااام عليكم يا رجااااااااااااال. خيل إلي وأنا أسمع هذا الصوت أن رجلاً بطول مترين وعرض رجلين قد أطل من الباب، وسمرت عيناي في أعلى الباب الكبير لأرى إن كان بإمكانه الدخول دون انحناء أم لا.. لكني تفاجأت برجل لا يكاد يبلغ رأسه منتصف الباب.. وقد لف رأسه بشاش يكاد يغطي يذهب سواد شعره، وعين تورمت كعنبة سوداء كبيرة... يالله !! أهذا المسكين هو من أطلق الصوت، كيف ؟ وهو لا يكاد يقوى حتى على المشي؟ وتذكرت نفسي وقد سيق بي إلى الزنزانة كيف كنت مطرقاً بصري إلى الأرض، وأنا أقتلع قدماي من الأرض، واليأس قد حطم قلبي... فكرت أن أتقدم إليه لأواسيه...بعينه التي لا يكاد يبصر بها... لكنني في الحقيقة كنت أنا من يحتاج إلى مواساة...فصحيح أني كنت تام الأعضاء...لكني محطم القلب.. وإذ به يهتف بصوته الشجاع ...لك شو بكن يا شباب؟ السجن للرجال ...ويلا سوا: وصمتكم يقتلنا وغير الله ما إلنا... لقد كانت تلك البداية مع أبي سعيد ...ولي معه فصول وفصول... وما كنت أتوقع أن تكون النهاية يوم أجد صورته على صفحات الإنترنت وهي ترجو له الرحمة وتزجي لأهله الشهادة... رحمك الله يا أبا سعيد، وأسكنك فسيح جنانه فما زالت نبرتك المميزة تقرع أذني،وستبقى ما دام فيها حياة..
نيكولاس إينين
عمار البكور
حذيفة عبد الله عزام
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة