..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

من مذكرات الثورة - نرجو من الله ما لا يرجون.

أبو فهر الصغير

١٢ نوفمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 10535

من مذكرات الثورة - نرجو من الله ما لا يرجون.

شـــــارك المادة

رجعنا من مكان نزوحنا إلى بيتنا في دوما, لنأخذ بعض الحاجيات والمستلزمات، أغلب المدينة هُجرت, ولم يبق فيها إلا مَنْ هو في الأقبية حيث يأمن شيئاً على نفسه من قصف الطيران.
الأجواءُ تبدو هادئةً, خاصة أنَّ السماءَ غائمةٌ. وحين تكون السماءُ غائمةً لا يخرج فيها الطيران للقصف ! بينما الأهل في البيت يأخذون متاعهم, تجولتُ أنا وأبي وعمي وقريبٌ لي في مدرسة الطفولة, وهي أمام بيتنا تمامًا.


يا الله! منذ سنوات وسنوات لم أتجول في صفوفها, كم تمر السنون بسرعة! لا يكاد شيءٌ بقي في المدرسة على حاله, فهي إما متأثرة بأجزاء منها بالقصف, أو من ضغط القذائف التي تأتي حولها حيث تصدّعت جدرانها وتكسَّر خشبها, وبينما نحن في مدخل الصفوف إذا بنا نسمع صوت قذيفة هاون وتبدو قريبة جدًا منا, وما إن سمعنا صراخ أخي وصوته آتٍ من المنزل, أسرعت راكضًا ورجليّ لا تكادان تحملني وظننت أن القذيفةَ نزلت في منزلنا وأن أهلي بهم شيئاً, خرجت من باب المدرسة وإذا بأخي في الشارع لم يُصب بأذى, لكن يركض إلى منزل جيراننا في الحارة حيث نزلت القذيفة ! ركضت سريعًا معه, وإذا ببعض السيارات تسعف المصابين.
يا إلهي لطفك بنا! أشلاء ممزقة, هذا في وجهه وهذا في رجليه, وصاحبٌ لنا يصرخ أمي أمي.. أسعفنا معهم, عدة مصابين نساء ورجال وطفلة, لا تكاد تستطيع أن تقف على رجليك من هول المنظر, وأنا بالمستشفى وإذا صاحبي قال لي والعبرة تخنقه أمي وطفلة لي في السيارة استشهدا!
حسبي الله ونعم الوكيل .. أمّه أصبحت أشلاءً من القذيفة, وإذ جاء مصابون آخرون من جيراننا في الحارة بينما كانوا يسعفون المصابين جاءتهم قذيفةٌ ثانية مكان القذيفة الأولى حيث كنت أنا وأخي قبل قليل!! وإذا بمولدة الكهرباء تنطفئ في المستشفى ويضطرون لنقل بعض المصابين لمستشفى خارج المدينة والله المستعان.
رجعت إلى المنزل وأنا كئيبٌ أكاد أقلب على الأرض من إرهاق دقائق لكنها مؤلمة جدًا, يا رب لطفك.. يا رب لطفك .. علمت بعد ذلك أن صاحبنا الذي استشهدت والدته مر بسيارته - ويبدو أنه جاء أيضًا ليأخذ بعض المستلزمات من بيته – مرَّ أمام منزلنا ورأى ما رأى من الدمار في منزلنا, وقال لأخي: كان الله معكم يا آل فلان .. وإذا بعد ما يقارب دقيقة تأتيه القذيفة أمام منزلهم بعد أن ترجلوا من السيارة, وأصيبوا بما أصيبوا به أمام منزلهم !!
حسبنا الله ونعم الوكيل, لا نقول إلا ما يرضي ربنا, الحمد لله على كل حال, والله المستعان على كل بلية. لنتذكر قول الله تعالى: " إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ " نعم نرجو من الله ما لا يرجون, نرجو من الله ما لا يرجون, نرجو من الله ما لا يرجون .. كان هذا في يوم السبت: 10/11/2012 ..

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع