تصدير المادة
المشاهدات : 5622
شـــــارك المادة
قصتي مع الطفل الحموي سلطان جدعان . هذه قصة حصلت لي مع طفل صغير من حماة الأبية يسكن في حارتنا بالسعودية، اسمه سلطان جدعان ، فاقرؤوها يا كرام لعل الله أن ينفع بها، القصة ، ما أقسى قلوب الطغاة لو عرفوا ما يقاسي . الناس من ظلمهم وجورهم وجرأتهم على الله الملك الجبار، إنّ لهم قلوبُ لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون إنهم والله إنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
بعد عودتي من رحلة الأردن الدراسية واشتياقي للأهل والأصحاب قلت في نفسي أذهب وأزور حارتي القديمة لعلي أُبصر شيئا جديدا فيها أو أجد فيها صديقاً وفيّاً لا زال يذكرني، وفعلاً ذهبت إليها ووجدت طفلاً صغيرا جديداً عندنا، أظنه في المرحلة الابتدائية ولكني رأيت في وجهه ما كان يقال لنا في طفولتنا أن الناس لا تقاس بالأعمار وإنما تقاس بالعقول فوددت لو أن الطفولة تعاد لي فاحذوا حذوه في النضج والعقل، ومالي لا أطمع بذلك وهمتي في الارتقاء والعلو والفهم من منهجي وشريعتي النفسية، فعلاً رأيت أن هذا المثال ينطبق على ذالك الفتى الصغير الجميل صاحب الشعر الأسود والملامح الشامية، تبسمت في وجهه كعادتي وتوددت إليه رحمةً به وشفقةً عليه ومن لا يرحم لا يرحم، هذا حالي مع الأطفال وإنا ممن جرت عادتي أن أتودد وأتقرب للصغار وأتحين الفرص المناسبة للعب والمرح واللهو معك، وتقربت إليه كما تقرب هو مني وسألته مبادرا ما اسمك يا صديقي ، فأجابني بنبرة الواثق ، اسمي سلطان جدعان وأنا من حماة الأبية العدية . قلت له اسمك جميل يا سلطان، قال لي، أنت أجمل ، لقد أحرجني حقاً ذالك الفتى بإجاباته السريعة الواثقة وأعجبني بحق ذالك الطفل الذي صار لي بعد فترة قصيرة علاقة خاصة معه، لقد كنت سعيداً جدا بالتعرف عليه وعلمت منه أنه خرج من سوريا وتحديدا من مدينة حماة بعد هذه الأحداث وجاء إلى السعودية مع أهله للعمل ، ، جاءني ذات يوم وأنا ذاهب للمسجد وللعلم فإني لم أعرف هذا الفتى إلا من أهل المسجد مقبلاً إليه مدبراً عن سواه، محب للخير حافظا لكتاب الله راكعا ساجدا لله وكان مع كل هذا يؤذن مع صغر سنة في مسجدنا للصلاة في كل وقت ، وكم كنت استمتع بسماع صوته الناعم يصدح في أرجاء السماء ، الله أكبر ، الله أكبر، جاءني وقال لي أريد أن استشيرك يا صديقي بموضوع صغير قلت له تفضل يا حبيبي فأنا بمثابة أخاك الكبير ، قال لي أبي يعمل في الرياض وأهلي كلهم هناك وأنا في الدمام بعيد عنهم واعمل مع خالي في المطعم ولم أعد احتمل بعدي عنهم كلما تذكرتهم وتذكرت والدي عندما كان يأخذني ليشتري لي الحلوى دمعت عيناي واحترق فؤادي وتلظى شوقاً لأخوتي الصغار لقد مللت هذا الحال، وخالي لا يسمح لي أن أزورهم ، أنا توقفت عن الدراسة بسبب الأوضاع في سوريا واضطررت أن أعمل لأكسب قوت يومي ، نعم يا أخوتي هكذا قال لي وهكذا كنت معه اسمع وأرى، أسمع قصة ظلمٍ لطفلٍ صغير قد سرق الطغاة طفولته وبراءة وجهه الصغير وأُٰجبر أن يتنازل عن أغلى ما يملك وهي الطفولة الصادقة لينزل للعمل ولكسب قوته اليومي والبعد عن أهله والاعتماد على النفس بعد أن أُخرج مكرهاً من أرضه وبلاده الكريمة. كان يحكي لي قصته وعيناه تذرفان الدموع وقد احمرت عيناه من الغيظ والحزن والأسى، لم أكن أعرف ماذا أقول فلقد وقفت على مشاعر أقوى من طرق الحديد في الفرن الحامي في حديثه لي ، واحترت ماذا أجيبه وكيف أمنعه من البكاء والحزن الباقي، وكنت والله من زمن لم أبكي ولم تذرف عيناي لقسوةٍ في قلبي فقلت في نفسي اغتنم الفرصة وأبكي معه، ولكنني تذكرت في نفس الوقت أني مؤتمن وأني الناصح في أمره، فاتخذت قراري بسرعة وبدأت أخفف عنه وأقول له يا سلطان يا صديقي لا تحزن فأنا لما كنت في سنك لم أكن أستطيع أن أرى أبي لأنه كان في السعودية يعمل وأنا في الشام أدرس وأنت بينك وبين أبوك مسافة ٣ ساعات فقط أنت في الدمام وهو في الرياض فلماذا الحزن والبكاء يا صديقي، ولماذا الدموع الحارة التي سكبتها وأنت رجل كبير ، لقد رأيت فيه يا إخوتي و يا أخواتي رجلاً ليس كأي رجل في المستقبل و علمت في قرارت نفسي أنّه سيكون لهذا الطفل شأن كبير في الغد الآتي بإذن الله. اصبر يا سلطان فالنصر قريب واللقاء ليس ببعيد بإذن الله. وهذه الكتابة هي هديتي لصديقي الصغير وتعبيرا لي عن حبي له .
عبد السميع الأحمد
محمد الخليلي
طريف يوسف آغا
عبد الرحمن العشماوي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة