توداي زمان
تصدير المادة
المشاهدات : 7956
شـــــارك المادة
بين سيء وأسوأ، تنحصر خيارات المجتمع الدولي حيال الأزمة السورية، ويبدو أن الأمور لا بدّ أن تصبح أكثر سوءًا قبل أن تتحسن، وبعبارة أخرى فإن عدد القتلى من المرجح أن يزداد بشكل كبير قبل اتخاذ خطوات حاسمة، وإن لم يتوقف نزيف الدم يرجح أن تنجر سوريا إلى حرب أهلية شاملة بسبب عمق الجزء الأساسي من المشكلة في سوريا، والتي لا تختلف عن العراق، وهي الانقسامات الطائفية والقبلية في فترة ما بعد الاحتلال أو الاستبداد.
بعد عام كامل من بدء الاحتجاجات في سوريا، وتدهور الأوضاع بشكل مأساوي، فشلت دول المنطقة في عرض مبادرة قوية ونافذة لإنقاذ السوريين، وإزاء هذه الأوضاع المأساوية ما الذي يتوجب على تركيا أن تفعله؟ وما الخيارات المطروحة أمامها؟ بل وما هي السياسة الإستراتيجية التي قد توصف بأنها متدرجة؟ قد يبدو الموقف التركي في بداية الأزمة سلبيًا؛ نظرا لتأييد الإصلاحات التي وعد بها الأسد، والحفاظ على الاتصالات الرسمية بين البلدين، إلا أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أكد أكثر من مرة دعمه للمحتجين، بل وقام باستضافة اجتماعات المعارضة ومؤتمراتهم، إلا أن هذا الموقف لم يستمر طويلاً مع إصرار الأسد على حملته القمعية فتصاعدت حدة الموقف التركي إزاءه بشكل واضح. ولم يكن أمام تركيا سوى قطع العلاقات مع حليفتها السابقة، لاسيما بعد تصاعد ضغط الرأي العام الداخلي التركي والسوري والعربي والدولي، شرعت بعدها في زيادة ضغطها الدبلوماسي والاقتصادي على نظام الأسد، حيث قامت بتعليق المشروعات المشتركة للتّنقيب عن النفط وهددت بقطع إمدادات الكهرباء، ناهيك عن دعمها للمعارضة والسماح لهم بالإقامة في مخيمات اللاجئين. بيد أن هذا لم يكن كافيًا، حيث لم تتوقف الآلة العسكرية القمعية لنظام الأسد عن اجتثاث أرواح السوريين، لذا ينبغي على تركيا أن تحاول التأثير على النظام السوري من أجل كبح جماح حملته القمعية، ولو حتى بدعم بديلٍ يعتمد على الأغلبية السنية ليحل محل النظام المستبد، وهذا ما يبدو جليًا من خلال التواصل المستمر مع مجموعات المعارضة السورية ودعمها، لكنها حتى هذه اللحظة لا تملك التأثير اللازم لإحداث هذا التغيير. في المقابل، إذا ما قامت تركيا باستخدام هذا النهج في دعم المعارضة للإطاحة بالأسد، فإنها قد تواجه تحديًا صعبًا ومخاطر اقتصادية بسبب رهان نظام الأسد على الدعم الإيراني مع تزايد العزلة الدولية، لكنها قد تحصل مكاسب أخرى على الصعيد الإقليمي لسياساتها في المنطقة وخاصة موقف الرأي العام العربي الإيجابي تجاه الدولة التركية. من جهة أخرى، ينبغي على تركيا أن توفر ملاذًا آمنًا للاجئين السوريين الذين يفرون إلى حدودها وخاصة للمنشقين من الجيش، إلا أن هذا قد ينذر ويهدد وضعها الأمني فيما يتعلق بالقضية الكردية، والتي قد تبرز وتتفاقم لدى الأكراد السوريين بنزعة انفصال مع أكراد تركيا مع سقوط نظام الأسد وتدهور الوضع الأمني في سوريا، ولذلك فقد تقوم تركيا بإقامة منطقة حزام أمني على الحدود. أما عن الخيار العسكري فهو ليس ببعيد، حيث قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: "إذا كانت هناك مأساة إنسانية في سوريا، فلا يمكن أن يصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وإذا كانت الجامعة العربية تستطيع أن تتعايش مع استمرار الأوضاع الوحشية والقتل فإن تركيا لا تحتمل ذلك". كما أعلنت الخارجية التركية أن كافة الخيارات بشأن سوريا، بما فيها التدخل العسكري، مطروح بقوة، مشيرة إلى أن عددًا من الدول ناقشت هذا الأمر لوقف حمام الدم في سوريا، كما أن تركيا جاهزة لمواجهة كافة الاحتمالات وللمشاركة في أي نشاطات قد تقررها الأسرة الدولية لكبح جماح النظام السوري القمعي. في نهاية المطاف، مهما كانت خيارات تركيا في -أو موقفها حيال- الأزمة السورية، فلا ريب أن الموقف الداخلي هو ما سيقرر مستقبل سوريا، ولا يمكن الإطاحة بأي نظام باللجوء للخارج سوى بالتدخل العسكري مثل ليبيا، أو العراق، بيد أن هذا الحل لم يعد أمام المجتمع الدولي سواه بعد تزايد أعداد القتلى بشكل بشع لا يمكن الصمت عليه.
---------
ترجمة/ حسن شعيب
الإسلام اليوم
سامي كوهين
ألكس راول
إيلي جارينمايه
لين كرونبيرغير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة